والدواء، ألا ترى أن الصدّيق لمّا تصدّق بجميع ماله لم يُنكر عليه عِلْمًا منه
بيقينه وصبره، ولمّا أتاه الرجل بمثل بيضة الحمام من الذهب، وقال: لا أملك
غيره، ضربه به، بحيث أَبُو أصابه عَقَره، وقال فيه ما قال. انتهى كلام ابن
الأثير رحمه الله (?).
[تنبيه]: استُشْكِل الدعاءُ للمريض بالشفاء، مع ما في المرض من كفارة
الذنوب، والثواب، كما تضافرت الأحاديث بذلك.
والجواب: أن الدعاء عبادةٌ، ولا ينافي الثواب، والكفارة؛ لأنهما
يحصلان بأول مرض، وبالصبر عليه، والداعي بين حَسَنتين: إما أن يحصل له
مقصوده، أو يُعَوَّض عنه بجلب نفع، أو دفع ضرّ، وكلٌّ من فضل الله تعالى،
ذكره في "الفتح" (?).
وبالسند المتّصل إلى المؤلّف رحمه الله أوّل الكتاب قال:
[5695] (2191) - (حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ
إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا، وَقَالَ زُهَيْرٌ- وَاللَّفْظُ لَهُ-: حَدَّثنَا جَرِيرٌ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي
الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- إِذَا اشْتَكَى مِنَّا
إِنْسَانٌ مَسَحَهُ بِيَمِينِهِ، ثُمَّ قَالَ: "أَذْهِبِ الْبَاسَ، رَبَّ النَّاسِ، وَاشْفِ أنتَ الشَّافِي،
لَا شِفَاءَ إِلَّا شِفَاؤُكَ شِفَاءً، لَا يُغَادِرُ سَقَمًا"، فَلَمَّا مَرِضَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، وَثَقُلَ
أَخَذْتُ بِيَدِهِ لأَصْنَعَ بِهِ نَحْوَ مَا كَانَ يَصْنَعُ، فَانْتَزَعَ يَدَهُ مِنْ يَدِي، ثُمَّ قَالَ: "اللَّهُمَّ
اغْفِرْ لِى، وَاجْعَلْنِي مَعَ الرَّفِيقِ الأَعْلَى"، قَالَتْ: فَذَهَبْتُ أَنْظُرُ، فَإِذَا هُوَ قَدْ قَضَى).
رجال هذا الإسناد: سبعة:
1 - (أَبُو الضحَى) مسلم بن صُبيح الْهَمْداني الكوفيّ العطّار، ثقةٌ فاضلٌ
41، (ت 100) (ع) تقدم في "الطهارة" 22/ 635.
2 - (مَسْرُوقُ) بن الأجدع بن مالك الْهَمْدانيّ الوادعيّ، أبو عائشة الكوفيّ،
ثقةٌ فقيةٌ عابدٌ مخضرم [2] (ت 2 أو 63) (ع) تقدم في "الإيمان" 27/ 217.