ويديه إلى المرفقين، وركبتيه، وداخلة إزاره، وأمره أن يصب عليه - قال
سفيان: قال معمر، عن الزهريّ - وأمر أن يكفأ الإناء من خلفه.
قال المازريّ: المراد بداخلة الإزار: الطرف المتدلي الذي يلي حقوه
الأيمن، قال: فظن بعضهم أنه كناية عن الفرج. انتهى.
وزاد عياض: أن المراد: ما يلي جسده من الإزار، وقيل: أراد موضع
الإزار من الجسد، وقيل: أراد وركه؛ لأنه معقد الإزار، والحديث في
"الموطأ" وفيه عن مالك: حدّثني محمد بن أبي أمامة بن سهل؛ أنه سمع أباه
يقول: اغتسل سهل، فذكر نحوه، وفيه: فنزع جبة كانت عليه، وعامر بن ربيعة
ينظر، فقال: ما رأيت كاليوم، ولا جلد عذراء، فوُعك سهل مكانه، واشتَدّ
وعكة، وفيه: "ألا بَرّكت؟ إن العين حقّ، توضأ له" فتوضأ له عامر، فراح
سهل، ليس به بأس.
[تنبيهات]: الأول: قال المازريّ: هذا المعنى مما لا يمكن تعليله،
ومعرفة وجهه من جهة العقل، فلا يُردّ لكونه لا يُعقل معناه.
وقال ابن العربيّ: إن توقّف فيه متشرع، قلنا له: قل: الله ورسوله أعلم،
وقد عضدته التجربة، وصدّقته المعاينة، أو متفلسف فالردّ عليه أظهر؛ لأنَّ عنده
أن الأدوية تفعل بقواها، وقد تفعل بمعنى لا يُدْرَك، ويسمُّون ما هذا سبيله:
الخواصّ.
وقال ابن القيّم: هذه الكيفية لا ينتفع بها من أنكرها، ولا من سَخِر
منها، ولا من شك فيها، أو فعلها مجرّبًا غير معتقد، وإذا كان في الطبيعة
خواصّ لا يعرف الأطباء عللها، بل هي عندهم خارجة عن القياس، وإنما
تفعل بالخاصية، فما الذي تنكر جهلتهم من الخواص الشرعية هذا؟ مع أن في
المعالجة بالاغتسال مناسبة لا تأباها العقول الصحيحة، فهذا ترياق سمّ الحية
يؤخذ من لحمها، وهذا علاج النفس الغضبية توضع اليد على بدن الغضبان،
فيسكن، فكأن أثر تلك العين كشُعلة نار وقعت على جسد، ففي الاغتسال
إطفاء لتلك الشعلة، ثم لمّا كانت هذه الكيفية الخبيثة تظهر في المواضع الرقيقة
من الجسد؛ لشدة النفوذ فيها، ولا شيء أرقّ من المغابن، فكان في غسلها
إبطال لعملها، ولا سيما أن للأرواح الشيطانية في تلك المواضع اختصاصًا،