بتوجه الروح؛ كالذي يَحْدُث من الأدعية، والرُّقَي، والالتجاء إلى الله تعالي،

وتارة يقع ذلك بالتوهم والتخيل، فالذي يخرج من عين العائن سهم معنويّ إن

صادف البدن لا وقاية له أثّر فيه، وإلا لَمْ ينفذ السهم، بل ربما رُدّ على

صاحبه؛ - كالسهم الحسيّ سواء. انتهى (?).

(المسألة الرابعة): قد أجاد الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ - البحث في هذا الحديث،

فقال:

وأخرج مسلم من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - رفعه: "العين حقّ، ولو كان

شيء سابق القدر لسبقته العين، وإذا استُغسلتم فاغسلوا".

قال: فأما الزيادة الأولى - يعني: قوله: "ولو كان شيء سابق القدر

لسبقته العين" - ففيها تأكيد، وتنبيه على سرعة نفوذها، وتأثيره في الذات،

وفيها إشارة إلى الردّ على من زعم من المتصوفة أن قوله: "العين حقّ" يريد به

القَدَر؛ أي: العين التي تجري منها الإحكام، فإن عين الشيء حقيقته،

والمعنى: أن الذي يصيب من الضرر بالعادة عند نظر الناظر، إنما هو بقدر الله

السابق، لا بشيء يحدثه الناظر في المنظور.

ووجه الرد أن الحديث ظاهر في المغايرة بين القدر وبين العين، وإن كنا

نعتقد أن العين من جملة المقدور، لكن ظاهره إثبات العين التي تصيب، إما

بما جعل الله تعالى فيها من ذلك، وأودعه فيها، وإما باجراء العادة بحدوث

الضرر عند تحديد النظر، وإنما جرى الحديث مجرى المبالغة في إثبات العين،

لا أنه يمكن أن يَرُدّ القدرَ شيء؛ إذ القدر عبارة عن سابق علم الله تعالي، وهو

لا رادّ لأمره، أشار إلى ذلك القرطبيّ.

وحاصله لو فُرِض أن شيئًا له قوة بحيث يسبق القدر، لكان العين، لكنها

لا تسبق، فكيف غيرها.

وقد أخرج البزار من حديث جابر - رضي الله عنه - بسند حسن عن النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:

"أكثر من يموت من أمتي بعد قضاء الله وقدره بالأنفس"، قال الراوي: يعني:

بالعين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015