الفاعل، والمفعول، في اللغتين على بابهما، ومنع أبو زيد استعمال الماضي
من الثلاثيّ، فقال: لا يقال: حَزَنَهُ، وإنما يُستعمل المضارع من الثلاثيّ،
فيقال: يَحْزُنُهُ. انتهى (?).
قال الحافظ: ويؤخذ من التعليل استثناء صورة مما تقدم عن ابن عمر،
من إطلاق الجواز إذا كانوا أربعةً، وهي مما لو كان بين الواحد الباقي، وبين
الاثنين مقاطعة بسبب يُعذران به، أو أحدهما، فإنه يصير في معنى المنفرد،
وأرشد هذا التعليل إلى أن المناجي إذا كان ممن إذا خَصَّ أحدًا بمناجاته أحزن
الباقين امتنعَ ذلك، إلا أن يكون في أمر مهمّ لا يقدح في الدين، وقد نقل ابن
بطال (?)، عن أشهب، عن مالك قال: لا يتناجى ثلاثة دون واحد، ولا عشرة؛
لأنه قد نُهي أن يترك واحدًا، قال: وهذا مستنبط من حديث الباب؛ لأن
المعنى في ترك الجماعة للواحد كترك الاثنين للواحد، قال: وهذا من حسن
الأدب؛ لئلا يتباغضوا، ويتقاطعوا.
وقال المازريّ (?)، ومن تبعه: لا فرق في المعنى بين الاثنين، والجماعة،
لوجود المعنى في حقّ الواحد، زاد القرطبيّ (?): بل وجوده في العدد الكثير
أمكن، وأشدّ، فليكن المنع أَولى، وإنما خصّ الثلاثة بالذِّكر؛ لأنه أول عدد
يُتَصَوَّر فيه ذلك المعنى، فمهما وُجد المعنى فيه أُلحق به في الحكم، قال ابن
بطال (?): وكلما أكثر الجماعة مع الذي لا يناجَى كان أبعد لحصول الحزن،
ووجود التهمة، فيكون أَولى.
واختُلِف فيما إذا انفرد جماعة بالتناجي دون جماعة، قال ابن التين:
وحديث عائشة - رضي الله عنها - في قصة فاطمة دالّ على الجواز (?)، والله تعالى أعلم.