على العورة، فبالأَولى نظرها المحقَّق، ولو سُلِّم الإجماع المذكور لم يكن

معارِضًا لِمَا ورد به الدليل؛ لأنه في أمر آخر، فإن النظر إلى البيت ربما كان

مفضيًا إلى النظر إلى الْحُرَم، وسائر ما يَقصد صاحب البيت سَتْره عن أعين

الناس.

وفَرّق بعض الفقهاء بين من كان من الناظرين في الشارع، وفي خالص

مُلك المنظور إليه، وبعضهم فَرّق بين من رَمَى الناظرَ قبل الإنذار وبعده، وظاهر

أحاديث الباب عدم الفرق.

والحاصل أن لأهل العلم في هذه الأحاديث تفاصيلَ وشروطًا،

واعتبارات يطول استيفاؤها، وغالبها مخالف لظاهر الحديث، وعاطل عن دليل

خارج عنه، وما كان هذا سبيله فليس في الاشتغال ببسطه وردِّه كثير فائدة،

وبعضها مأخوذ من فَهْم المعنى المقصود بالأحاديث المذكورة، ولا بد أن

يكون ظاهر الإرادة واضح الاستفادة، وبعضها مأخوذ من القياس، وشرط تقييد

الدليل به أن يكون صحيحًا معتبَرًا على سَنَن القواعد المعتبرة في الأصول.

انتهى كلام الشوكانيّ رحمه الله (?).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: قد أجاد الشوكانيّ رحمه الله في هذا البحث

النبيل، وأفاد.

وخلاصته أن ما ذهب إليه الجمهور من جواز رمي من تجسس في بيت

غيره، وأنه لو هلك من ذلك، أو بعض أعضائه يكون هدرًا هو الحقّ؛ لظهور

حجّته واستنارة محجّته، فإن قوله - صلى الله عليه وسلم -: "من اطّلع في بيت قوم بغير إذنهم،

ففقؤوا عينه، فلا دية له، ولا قصاص" (?) نصّ صريح لا يقبل شيئًا من

التأويلات التي ذكروها، فتبصّر بالإنصاف، ولا تكن أسير التقليد، والله الهادي

إلى سواء السبيل.

وبالسند المتصل إلى المؤلّف رحمه الله أوّل الكتاب قال:

[5631] (. . .) - (حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ، حَدَّثنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015