المسألة الثالثة): في فوائده:
1 - (منها): بيان مشروعيّة الاستئذان لمن أتى بيوت الناس، ولا يفاجئهم
بالدخول عليهم.
2 - (ومنها): بيان أدب المستاذن عند استئذانه، وهو أن يذكر اسمه، لا
أن يقول: أنا، قال النوويّ: قال العلماء: إذا استأذن، فقيل له: من أنت؟ أو
من هذا؟ كُرِه أن يقول: أنا؛ لهذا الحديث، ولأنه لَمْ يحصل بقوله: "أنا"
فائدة، ولا زيادة، بل الإبهام باق، بل ينبغي أن يقول: فلان، باسمه، وإن
قال: "أنا فلان" فلا بأس، كما قالت أم هانئ - رضي الله عنها - حين استأذنت، فقال
النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "من هذه؟ " فقالت: أنا أم هانيّ، ولا بأس بقوله: أنا أبو فلان، أو
القاضي فلان، أو الشيخ فلان، إذا لَمْ يحصل التعريف بالاسم؛ لخفائه، وعليه
يُحْمَل حديث أم فلان، ومثله لأبي قتادة، وأبي هريرة، والأحسن في هذا أن
يقول: أنا فلان المعروف بكذا، والله أعلم. انتهى (?).
3 - (ومنها): ما قال القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: قول جابر - رضي الله عنه -: استأذنت على
النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقال: "من هذا؟ ، دليل على جواز الاستئذان من غير ذِكر اسم
المستأذن، إلَّا أن الأحسن أن يذكر اسمه كما تقدَّم في حديث أبي موسى - رضي الله عنه -،
ولأن في ذِكر اسمه إسقاط كلفة السؤال والجواب. وكراهة النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قول جابر
في جوابه: "أنا" يَحْتَمِل أن يكون لذلك المعني، ويَحْتَمِل أن يكون، لأن "أنا"
لا يحصل بها تعريف، وهو الأَولي، وقيل: إنما كَرِه ذلك لأنَّه دَقّ عليه الباب
على ما رُوي في غير كتاب مسلم، وفي هذا التأويل بُعْدٌ؛ لأنَّه إنما فُهِمت
الكراهة عنه من قوله: "أنا، أنا"، ولم يذكر الدَّق، ولا نبَّهه عليه، فكيف يُعْدَل
عما نَطَق به، وكرَّره مُنكِرًا له، ويصار إلى ما لَمْ يَجْرِ له ذكره؟ ! انتهى كلام
القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ - (?)، وهو بحث مفيدٌ، والله تعالى أعلم.
4 - (ومنها): ما قاله ابن العربيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: في حديث جابر - رضي الله عنه - مشروعية
دَقّ الباب، ولم يقع في الحديث بيانٌ هل كان بآلة، أو بغير آلة؟ ، قال
الحافظ: وقد أخرج البخاريّ في "الأدب المفرد" من حديث أنس - رضي الله عنه -: "أن