قال النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ -: إذا لَمْ يقع التعريف إلَّا بأن يَكْني المرء نفسه لَمْ يُكره ذلك،
وكذا لا بأس أن يقول: أنا الشيخ فلان، أو القارئ فلان، أو القاضي فلان،
إذا لَمْ يحصل التمييز إلَّا بذلك.
وذكر ابن الجوزيّ أن السبب في كراهة قول: أنا، أن فيها نوعًا من
الكِبْر، كأن قائلها يقول: أنا الذي لا أحتاج أذكر اسمي، ولا نسبي.
وتعقبه مغلطاي بأن هذا لا يتأتى في حقّ جابر في مثل هذا المقام.
وأجيب بأنه ولو كان كذلك فلا يمنع من تعليمه ذلك؛ لئلا يستمرّ عليه،
ويعتاده، والله أعلم (?).
[فائدة]: ومن طريف ما يُحكَى في هذا الباب أن الزمخشريّ استأذن عليه
نحويّ، فسأله عن اسمه، فقال: عمر، وكان هذا الجواب المختصر غير مفيد
للتعريف، فقال الزمخشريّ: انصرف، فقال المستأذن: إن عمر لا ينصرف،
فأجاب الزمخشريّ: إذا نُكّر صُرف (?)، والله تعالى أعلم.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - هذا متّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [9/ 5623 و 5624 و 5625] (2155)،
و(البخاريّ) في "الاستئذان" (6250) وفي "الأدب المفرد" (1586)، و (أبو
داود) في "الأدب" (5187)، و (الترمذيّ) في "الاستئذان" (2711)، و (النسائيّ)
في "عمل اليوم والليلة" (326)، و (ابن ماجة) في "الآداب" (3709)،
و(الطيالسيّ) في "مسنده" (1710)، و (أحمد) في "مسنده" (3/ 298 و 320
و363)، و (ابن الجعد) في "مسنده" (1/ 251)، و (ابن حبّان) في "صحيحه"
(5808)، و (البيهقيّ) في "الكبرى" (8/ 340)، و (البغويّ) في "شرح السُّنَّة"
(3323 و 3324)، والله تعالى أعلم.