وقيل: لضربه نواحيَ الأرض، يقال: دَجَلَ مخفّفًا، ومشدّدًا: إذا فَعَل ذلك،
وقيل غير ذلك (?)، وسيأتي تمام البحث فيه في موضعه من "كتاب الفتن"- إن
شاء الله تعالى-.
(كثَرَ مِمَّا سَأَلْتُهُ عَنْهُ) ولفظ البخاريّ: "ما سأل أحد النبيّ -صلى الله عليه وسلم- عن الدّجال
ما سألته"، قال القرطبيّ رحمه الله: وسؤال المغيرة -رضي الله عنه- عن الدجال إنما كان لِمَا
سمع من عظيم فتنته، وشدَّة محنته، فأجابه-صلى الله عليه وسلم- بقوله: "وما يُصيبك منه؟ إنه لن
يضرَّك"؛ أي: ما يصيبك منه من النَّصَب والمشقَّة. انتهى (?).
(فَقَالَ) -صلى الله عليه وسلم- (لِي: "أَيْ بُنَيَّ) فيه جواز قول الإنسان لغير ابنه: يا بُنيّ
تلطّفًا، وشفقةً، (وَمَا يُنْصِبُكَ مِنْهُ؟ ) "ما" استفهاميّة إنكاريّة، ويُنصب بضمّ أوله،
وفتحه، من الإنصاب، أو النَّصَب، وهو التعب والمشقّة، أي: ما يشقّ عليك،
وُيتعبك منه؟ .
قال في "القاموس"، و"شرحه": نَصِبَ، كفَرِحَ: أَعْيا، وتَعِبَ، وأَنْصَبَه
هو، وأَنْصَبَني هذا الأَمْرُ، وهَئم ناصِبٌ: مُنْصِبٌ، وهو الصَّحِيح فهو فاعِلٌ
بمعنى مُفْعِل؛ كمكانٍ باقِلٍ، بمعنى مُقْبِل، قال ابْنُ بَرِّيّ: وقيل: ناصِبٌ بمعَنى
المنصوب، وقيلَ بمعنَى ذو نَصَبٍ، مثل تامِرٍ، ولابِنٍ، وهو فاعِلٌ بمعنى
مفعول، لَأَنَّه يُنْصَب فيه، وُيتْعَب، وفي الحديث: "فاطِمَةُ بَضْعَةٌ مِنِّي يُنْصِبنِي ما
أَنْصَبَهَا" (?)، أَي: يُتْعبني ما أَتْعَبَها، والنَّصَبُ: التَّعَب، وقيلَ: المَشَقَّةُ" قال
النّابغة [من الطويل]:
كِلِينِي لِهَمِّ يا أُمَيْمَةَ ناصِبٍ
أَي: ذِي نَصَب، مثلُ: لَيْلٌ نائمٌ: ذُو نَوْمٍ ينام فيه، قال: أو سُمِعَ: نَصَبَه
الهَمُّ ثُلاثِيًّا متعديًا: بمعنى أتْعَبَهُ، حكاه أَبو عليّ في "التَّذْكِرة"، والنَّصِبُ
كَكَتِف: المرِيضُ الوَجِعُ، قد نَصَبَه المَرَضُ يَنْصِبُهُ بالكَسر: أَوْجَعَهُ، كَأَنْصَبَهُ