فُتح لمكان حرف الحلق، قال بعض المتقدّمين: وزعمت النحاة أن العرب
أماتت ماضي يَدَع، ومصدره، واسم الفاعل؛ وقد قرأ مجاهد، وعروة،
ومقاتل، وابن أبي عَبْلة، ويزيد النَّحويُّ: {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ} [الضحى: 3]
بالتَّخفيف، وفي الحديث: "لَيَنْتَهِيَنَّ قَوْمٌ عَنْ وَدْعِهِمُ الجُمُعَاتِ"، رواه مسلم؛
أي: عن تركهم، فقد رُويت هذه الكلمة عن أفصح العرب، ونُقلت من طريق
القرَّاء، فكيف يكون إماتةً؛ وقد جاء الماضي في بعض الأشعار، وما هذه
سبيله فيجوز القول بقلّة الاستعمال، ولا يجوز القول بالإماتة. انتهى (?)، وهو
بحث مفيدٌ، والله تعالى أعلم.
وقوله: (تُسَمِّي) جملة حاليّة، (بِاسْمِ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَانْطَلَقَ) الرجل
(بِابْنِهِ)، وقوله: (حَامِلَهُ عَلَى ظَهْرِهِ) بنصب "حامله" على الحال، وهو مذهب
بعض النحاة، وجمهورهم يمنع وقوع المعرفة حالًا، وما ورد من ذلك يؤوّلونه
بالنكرة، كما أشار إليه في "الخلاصة" بقوله:
وَالْحَالُ إِنْ عُرِّفَ لَفْظًا فَاعْتَقِدْ ... تَنْكِيرَهُ مَعْنًى كَـ "وَحْدَكَ اجْتَهِدْ"
وَيحْتَمِل أن يكون"حامِلُه" مرفوعًا خبرًا لمحذوف؛ أي: وهو حامِلُه،
والجملة حال بلا خلاف، والله تعالى أعلم.
(فَأَتَى بِهِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، وُلِدَ لِي غُلَامٌ) فعل ونائب فاعله؛
أي: ولدٌ، قال الفيّوميّ - رَحِمَهُ اللهُ -: الغُلامُ: الابن الصغير، وجمع القلة: غِلْمَةٌ،
بالكسر، وجمع الكثرة: غِلْمَانٌ، ويُطلق الغُلامُ على الرجل مجازًا، باسم ما
كان عليه، كما يقال للصغير: شيخٌ مجازًا، باسم ما يؤول إليه، وجاء في الشعر
غلامة بالهاء للجارية، قال الشاعر:
يُهَانُ لَهَا الغُلامَةُ والغُلامُ
قال الأزهريّ: وسمعت العربَ تقول للمولود حين يولد ذكرًا: غُلامٌ،
وسمعتهِم يقولون للكهل: غُلامٌ، وهو فَاشٍ في كلامهم. انتهى (?).
(فسَمَّيْتُهُ مُحَمَّدًا) تقدّم ترجيح رواية تسميته بالقاسم، فلا تغفل. (فَقَالَ لي
قَوْمِي: لَا نَدَعُكَ تُسَمِّي بِاسْمِ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "تَسَمَّوْا)