وقال المرتضى - رَحِمَهُ اللهُ - في "التاج": الأَدَبُ - مُحَرَّكَة - الذي يَتَأَدَّبُ به
الأَديبُ من الناس، سُمّيَ به لأَنَّه يَأْدِبُ الناسَ إلى المَحَامدِ، وَيَنْهَاهُم عن
المَقَابِحِ، وأَصلُ الأَدَبِ: الدُّعَاءُ، قال: وقال شيخنا ناقلًا عن تقريراتِ شيوخه:
الأَدَبُ مَلَكَةٌ تَعْصِمُ مَنْ قامت به عمَّا يَشِينُه، ثم نقل ما تقدّم للفيّوميّ، ثم قال:
وفي "التوشيح": هو استعمالُ ما يُحْمَدُ قَوْلًا، وفِعْلًا، أَو الأَخْذُ، أَو الوُقُوفُ
مع المُسْتَحْسَنَات، أَو تَعْظِيمُ مَنْ فوقَك، والرِّفْق بمَنْ دُونَكَ، ونَقَل الخَفَاجِيُّ في
"العِنَايَة" عن الجْوَالِيقيّ في "شرحِ أَدَب الكَاتِبِ": الأَدَبُ في اللغة: حُسْنُ
الأَخلاق، وفِعْلُ المَكَارِم، وإِطلاقُه عَلى عُلُومِ العَرَبِيَّة مُوَلَّدٌ، حَدَثَ في
الإِسلام، وقال ابنُ السِّيدِ البَطَلْيَوْسِيُّ: الأَدَبُ أَدَبُ النَّفْسِ والدَّرْسِ، والأَدَبُ:
الظَرْفُ بالْفَتْح، وحسْنُ التَّنَاوُلِ، وهذا القَوْلُ شَاملٌ لغَالبِ الأَقْوَالِ المذكورة،
وقال أَبو زيد: أَدْبَ الرَّجُلُ؛ كَحسُنَ يَأْدُبُ أَدَبًا، فهو أَديبٌ، جَمْعه أُدباءُ، وقال
ابنُ بُزُرْج: لَقَدْ أَدُبْتُ آدُبُ أَدَبًا حسَنًا، وأَنْت أَدِيبٌ، وأَدَّبَه؛ أَي: عَلّمه،
فتأَدَّب: تعلّم، واستَعْمَلَهُ الزجَّاجُ في الله - عَزَّوَجَلَّ -، فقال: والحَقُّ في هذا ما أَدَّبَ اللهُ
تعالى به نَبِيَّه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. انتهى (?).
(?) - (بَابُ النَّهْيِ عَنِ التَّكَنِّي بأَبِي الْقَاسِمِ،
وَبَيَانِ مَا يُسْتَحَبُّ مِنَ الأَسمَاءِ)
وبالسند المتّصل إلى المؤلّف - رَحِمَهُ اللهُ - أوّل الكتاب قال:
[5574] (2131) - (حَدَّثَنِي أَبُو كُرَيْبٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، وَابْنُ أَبِي عُمَرَ
- قَالَ أَبُو كُرَيْبٍ: أَخْبَرَنَا، وَقَالَ ابْنُ أَبِي عُمَرَ: حَدَّثَنَا، وَاللَّفْظُ لَهُ - قَالَا: حَدَّثَنَا
مَرْوَانُ - يَعْنِيَانِ الْفَزَارِيَّ - عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: نَادَى رَجُلٌ رَجُلًا بِالْبَقِيعِ:
يَا أَبَا الْقَاسِمِ، فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنِّي لَمْ أَعْنِكَ،
إِنَّمَا دَعَوْتُ فُلَانًا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "تَسَمَّوْا بِاسْمِي، وَلَا تَكَنَّوْا (?) بِكُنْيَتِي").