وقال في "الفتح": الأدب استعمال ما يُحمد قولًا وفعلًا، وعَبَّر بعضهم
عنه بأنه الأخذ بمكارم الأخلاق، وقيل: الوقوف مع المستحسنات، وقيل: هو
تعظيم مَن فوقك، والرفق بمن دونك، وقيل: إنه مأخوذ من المأدبة، وهي
الدعوة إلى الطعام، سُمّي بذلك؛ لأنه يدعى إليه. انتهى (?).
وقال الفيّوميّ - رَحِمَهُ اللهُ -: أَدَّبْتُه أَدْبًا، من باب ضرب: عَلمتُه رياضةَ النفس،
ومحاسن الأخلاق، قال أبو زيد الأنصاريّ: الأَدَبُ يقع على كلِّ رياضة
محمودة، يَتَخَرَّجُ بها الإنسان في فضيلة من الفضائل، وقال الأزهريّ نحوه،
فَالأَدَبُ اسم لذلك، والجمع آدَابٌ، مثل سَبَبٍ وأسباب، وأَدَّبْتُه تَأْدِيبًا مبالغةٌ،
وتكثيرٌ، ومنه قيل: أَدَّبْتُهُ تَأْدِيبًا: إذا عاقبته عًلى إساءته؛ لأنه سبب يدعو إلى
حقيقة الأدب، وأَدَبَ أَدْبًا، من باب ضرب أيضًا: صنع صنيعًا، ودعا الناس
إليه، فهو آدِبٌ على فاعل، قال الشاعر، وهو طَرَفَةُ [من الرمل]:
نَحْنُ فِي الْمُشْتَاةِ نَدْعُو الْجَفَلَى ... لَا ترَى الآدِبَ فِينَا يَنْتَقِرُ
أي: لا ترى الداعي يدعو بعضًا دون بعض، بل يُعَمِّمُ بدعواه في زمان
القلّة، وذلك غاية الكرم، واسم الصنيع: المَأْدُبَة بضمّ الدال، وفتحها (?).
انتهى (?).