إَذَا هُوَ بِالْمَجْدِ ارْتَدَى وَتَأَزَّرَا
فالإشارة بالإزار والرداء إلى أنه متصف بالزور من رأسه إلى قدمه.
ويَحْتَمِل أن تكون التثنية إشارة إلى أنه حَصَل بالتشبع حالتان مذمومتان:
فِقْدان ما يُتَشَبَّع به وإظهار الباطل.
وقال المطرزيّ: هو الذي يُري أنه شبعان، وليس كذلك. انتهى (?)، والله
تعالى أعلم.
وقال القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ - ما حاصله: هذه المرأة سألت النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: هل يجوز
لها أن تُظهر لضرتها أن زوجها قد مكَّنها، أو أعطاها من ماله أكثر مما
تستحقه، أو أكثر مما أعطى ضرتها؛ افتخارًا عليها، وإيهامًا لها أنَّها عنده
أحظى منها، فأجابها - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بما يقتضي المنع من ذلك، فقال: "المتشبِّع بما لَمْ
يُعط كلابس ثوبي زور"، وأصل التشبُّع: تفعُّل من الشبع، وهو الذي يُظهر
الشِّبع، وليس بشبعان، وكثيرًا ما تأتي هذه الصيغة بمعنى التعاطي؛ كالتكبُّر،
والتصنُّع، ويُفهم من هذا الكلام: أن النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نهى المرأة عن أن تتظاهر،
وتتكاثر بما لَمْ يعطها زوجها؛ لأنَّه شَبَّه فعلها ذلك بما يُنهى عنه، وهو: أن
يلبس الإنسان ثوبين زورًا.
واختلف المتأولون؛ هل الثوبان محمولان على الحقيقة، أو على
المجاز؛ على قولين: فعلى الأول يكون معناه: أنه شبّهها بمن أخذ ثوبين لغيره
بغير إذنه، فَلَبسهما، مُظهرًا أن له ثيابًا ليس مثلها للمُظْهَر له، وقيل: بل شبَّهها
بمن يلبس ثياب الزُّهُاد، وليس بزاهد، وعلى الوجه الثاني: قال الخطابيّ: إن
ذِكْر الثوبين هنا كناية عن حاله ومذهبه، والعرب تكني بالثوب عن حال لابسه،
والمعنى: أنه بمنزلة الكلاذب القائل ما لَمْ يكن، وقيل: هو الرجل في الحيِّ
تكون له هيئة، فإذا احتيج إليه في شهادة زور شَهِد بها، فلا يُرَدّ لأجل هيئته،
وحُسْن ثوبه، فأضيفت شهادة الزور إلى ثوبه؛ إذ كان سببها.
قال القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: وأيُّ شيء من هذه الوجوه كان المقصود، فيحصل
منه: أن تشبّع المرأة على ضرَّتها بما لَمْ يعطها زوجها محرَّم؛ لأنَّه شُبه بمحرَّم،