قال ابن العربي: فعلى النساء أن يُصَغِّرن رؤوسهن، سيما عند الخروج،
فإن كان شعرها كثيرًا أرسلته، ولا تعظمه، فإن كان بها أَلَمٌ في رأسها، فأكثرت
لأجله من الْخُمُر لَمْ تدخل في أيّ وعيد، ولم يكن عليها حرج، وإنما الحرج
على من نظر إليها. انتهى (?).
وقال القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: الأسنمة: جمع سنام، وسنام كلّ شيء: أعلاه،
والبُخْت: جمع بُخْتية، وهي ضرب من الإبل، عظام الأجسام، عظام الأسنمة،
شبَّه رؤوسهن بها لِمَا رَفعْن من ضفائر شعورهن أعلى أوساط رؤوسهن تزيّنًا،
وتصنعًا، وقد يفعلن ذلك بما يُكَثِّرن به شعورهن.
قال: والمائلة: الرواية بالياء، من الميل. يعني: أن أعلى السَّنام يميل
لكثرة شحمه، شبَّه أعالي ما يرفعن من الشعر بذلك. انتهى (?).
(لَا يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ)؛ أي: مع السابقين، أو بغير عذاب، قال ابن
عبد البرّ - رَحِمَهُ اللهُ -: هذا عندي محمول على المشيئة، وإن هذا جزاؤهنّ، فإن عفا الله
عنهنّ، فهو أهل العفو والمغفرة: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ
لِمَنْ يَشَاءُ} الآية [النساء: 48] (?).
وقال النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ -: هذا يتأول التأويلين السابقين في نظائره:
أحدهما: أنه محمول على من استحلَّت حرامًا من ذلك، مع علمها
بتحريمه، فتكون كافرةَ مخلَّدةَ في النار، لا تدخل الجَنَّة أبدًا.
والثاني: يُحْمَل على أنَّها لا تدخلها أوّلَ الأمر مع الفائزين، والله تعالى
أعلم (?).
(وَلَا يَجِدْنَ رِيحَهَا، وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ كَذَا وَكَذَا") هو كناية عن
خمسمائة عام، كما قد جاء مُفسَّرًا، ففي رواية "الموطّأ": "وريحها يوجد من
مسيرة خمسمائة سنة"، والله تعالى أعلم.