جدّاً، لكنه مقيّد بما إذا كان ذلك الأمر منصوصاً عليه في السنّة، أما نسبة

الأمور المستنَبطة بالاجتهاد؛ كالمسائل القياسيّة، فلا يجوز نسبتها إلى الكتاب،

والسنّة، إلا مع بيان كونها مستنبطة منهما، كما يُعْزَى ذلك إلى بعض فقهاء أهل

الرأي في مسألة يستنبطها بالاجتهاد، فقد أجاز أن يقال فيها: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -

كذا. قال أبو العبّاس القرطبيّ، صاحب "المفهم": استجاز بعض فقهاء أهل

الرأي نسبة الحكم الذي دلّ عليه القياس إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نسبةً قوليّةً، فيقول:

قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كذا، ولذا ترى كتبهم مشحونةً بأحاديث تشهد متونها بأنها

موضوعة؛ لأنها تُشبه فتاوى الفقهاء، ولأنهم لا يقيمون لها سنداً. انتهى.

فهذا يعدّ من أقسام الوضع على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولذلك قلت في منظومتي

"الجليس الأمين في بيان الموضوع، وأصناف الوضّاعين":

وَبَعْضُ أَهْلِ الرَّايِ قَالَ يُنْسَبُ ... إِلَى النَّبِي مَا بِالْقِيَاسِ يُجْلَبُ

لِذَا تُرَى كُتُبُهُمْ تَشْتَمِلُ ... مَا لَا يُرَى بِسَنَدٍ يَتَّصِلُ

وَهْوَ حَرَامٌ دَاخِل فِي الْكَذِبِ ... قَدِ افْتَرَاهُ مُجْرِماً هَذَا الْغَبِي

والله تعالى أعلم بالصواب.

وبالسند المتّصل إلى المؤلّف -رَحِمَهُ اللهُ- أوّل الكتاب قال:

[5562] ( ... ) - (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَابْنُ بَشَّارٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا

عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَهُوَ ابْنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ (ح) وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا

يَحْيَى بْنُ آدَمَ، حَدَّثَنَا مُفَضَّل -وَهُوَ ابْنُ مُهَلْهَلٍ- كِلَاهُمَا عَنْ مَنْصُورٍ، فِي هَذَا

الْإِسْنَادِ، بِمَغنَى حَدِيثِ جَرِيرٍ، غَيْرَ أَنَّ فِي حَدِيثِ سُفْيَانَ: الْوَاشِمَاتِ،

وَالْمُسشوْشِمَاتِ، ورفي حَدِيثِ مُفَضَّلٍ: الْوَاشِمَاتِ، وَالْمَوْشُومَاتِ).

رجال هذين الاسنادين: ثمانية:

1 - (يَحْيَى بْنُ آدَمَ) بن سليمان الأمويّ مولاهم، أبو زكريّاء الكوفيّ، ثقةٌ

حافظٌ فاضلٌ، من كبار [9] (ت 203) (ع) تقدم في "المقدمة" 4/ 24.

2 - (مُفَضَّلُ بْنُ مُهَلْهَلٍ) السَّعْدقي، أبو عبد الرحمن الكوفيّ، ثقةٌ ثبتٌ نَبِيلٌ

عابدٌ [7] (ت 167) (م س ق) تقدم في "المقدمة" 6/ 51.

والباقون تقدّموا قريباً.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015