وأخرج الحديث الطبرانيّ من طريق مسروق، عن عبد الله، وزاد في آخره:

"فقال عبد الله: ما حَفِظت وصية شعيب إذاً"؛ يعني قوله تعالى حكايةً عن

شعيب -عَلَيْهِ السَّلامُ-: {وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ} [هود: 88]. (فَقَالَتِ

الْمَرْأَةُ: فَإِنِّي أَرَى شَيْئاً مِنْ هَذَا عَلَى امْرَأَتِكَ الآنَ) قال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللهُ-: تعني:

أنها رأت على امرأته عن وقت قريب من وقت كلامها معه، حتى كأنه في حكم

الوقت الحاضر المعبَّر عنه بـ "الآن" شيئاً من تلك الأمور المذكورات في

الحديث، وأقرب ما يكون ذلك الشيء التنميص، وهو الذي يزول بنبات الشعر

عن قريب، ولو كان ذلك وشماً، أو تفليجاً، لما زال. انتهى (?).

وقولها: (فَإِنِّي أَرَى شَيْئاً مِنْ هَذَا عَلَى امْرَأَتِكَ) امرأة عبد الله بن

مسعود - رضي الله عنه -، هي زينب بنت عبد الله الثقفيّة، ويقال: زينب بنت معاوية، أو

أبي معاوية، وقيل: زينب بنت عبد الله بن معاوية، قاله الذهبيّ في

"التجريد" (?).

(قَالَ: اذْهَبِي فَانْظُرِي) قال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللهُ-: يعني: أنَّه لما رأى على امرأته

شيئاً من ذلك نهاها، فانتهت عنه، وَسَعَتْ في إزالته حتى زال، فدخلت المرأة،

فلم تر عليها شيئاً من ذلك، فصدَّق قوله فعله. انتهى. (قَالَ) علقمة (فَدَخَلَتْ)

المرأة (عَلَى امْرَأَةِ عَبْدِ اللهِ) بن مسعود - رضي الله عنه - (فَلَمْ تَرَ شَيْئاً، فَجَاءَتْ إِلَيْهِ، فَقَالَتْ:

مَا رَأَيْتُ شَيْئاً، فَقَالَ: أَمَا لَوْ كَانَ ذَلِكِ لَمْ نُجَامِعْهَا) وفي بعض النسخ: "لم

أجامعها"، قال جماهير العلماء: معناه: لم نصاحبها، ولم نجتمع نحن وهي،

بل كنا نطلقها، ونفارقها، قال القاضي عياض: ويَحْتَمِل أن معناه: لم أطأها،

وهذا ضعيف، والصحيح ما سبق، فيُحْتَجّ به في أن مَن عنده امرأة مرتكبة

معصية؛ كالوصل، أو ترك الصلاة، أو غيرهما ينبغي له أن يطلقها، والله أعلم.

وقال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللهُ-: وهكذا يتعيّن على الرجل أن يُنكر على زوجته مهما

رأى عليها شيئاً محرَّماً، ويمتنع من وطئها كما قال عبد الله: "أما إنه لو كان

ذلك لم يجامعها"، هذا ظاهر هذا اللفظ، ويَحْتَمِل: لم يجتمع معها في دار،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015