العاص بن سعيد الأمويّ، وكان هو، ومروان بن الحكم يتعاقبان إِمْرة المدينة
لمعاوية -رضي الله عنه-، والرواية الجازمة أَولى، قاله في "الفتح" (?).
(فَرَأَى) أبو هريرة -رضي الله عنه- (فِيهَا)؛ أي: في تلك الدار (تَصَاوِيرَ)؛ أي:
تماثيل، وفي الرواية التالية: "فرأى مصوّرًا يُصوّر في الدار"، وفي رواية
البخاريّ: "فرأى أعلاها مصوِّرًا يُصوِّر"، قال الحافظ: لم أقف على اسم هذا
المصوّر. (فَقَالَ) أبو هريرة -رضي الله عنه- (سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: "قَالَ اللهُ عز وجل)
هذا يُسمّى الحديث القدسيّ، (وَمَنْ) استفهاميّة، والاستفهام للإنكار؛ أي: لا
أَحَدَ (أَظْلَمُ مِمَّنْ ذَهَبَ)؛ أي: قصَدَ (يَخْلُقُ خَلْقًا كَخَلْقِي) قال في "العمدة"؛
أي: لا أحد أظلم ممن قَصَد حال كونه يخلق؛ أي: يصنع، ويُقَدِّر كخلقي.
[فإن قلت]: كيف التشبيه في قوله: "كخلقي؟ ".
[قلت]: التشبيه لا عموم له؛ يعني: كخلقي في فعل الصورة، لا من كل
الوجوه.
قيل: الكافر أظلم منه، وأجيب بأن الذي يُصَوِّر الصنم للعبادة هو كافر،
فهو هو، أو يزيد عذابه على سائر الكفار؛ لزيادة قبح كفره. انتهى (?).
وقال في "الفتح": التشبيه في فعل الصورة وحدها، لا من كل الوجوه،
قال ابن بطال: فَهِمَ أبو هريرة -رضي الله عنه- أن التصوير يتناول ما له ظلّ، وما ليس له
ظلّ، فلهذا أنكر ما يُنْقَش في الحيطان، قال الحافظ: هو ظاهر من عموم
اللفظ، ويَحْتَمِل أن يُقْصَر على ما له ظلّ من جهة قوله: "كخلقي"، فإن خَلْقَه
الذي اخترعه ليس صورة في حائط، بل هو خلق تامّ، لكن بقية الحديث تقتضي
تعميم الزجر عن تصوير كل شيء، وهي قوله: "فليخلقوا حبة، وليخلقوا ذَرّةً"،
ويجاب عن ذلك بأن المواد إيجاد حبة على الحقيقة، لا تصويرها. انتهى (?).
(فَلْيَخْلُقُوا ذَرَّةً) -بفتح الذال المعجمة، وتشديد الراء-: النَّملة الصغيرة،
(أَوْ لِيَخْلُقُوا حَبَّةً) المراد: حبة القَمْح، بقرينة قوله: (أَوْ لِيَخْلُقُوا شَعِيرَةً")