شرح الحديث:
(عَنْ عَائِشَةَ) أم المؤمنين -رضي الله عنها- أنها (قَالَتْ: كَانَ لَنَا سِتْرٌ) بكسر، فسكون؛
أي: ساتر (فِيهِ تِمْثَالُ طَائِرِ) بكسر التاء؛ أي: صورته، والجملة صفة لـ"ستر"،
(وَكَانَ الدَّاخِلُ إِذَا دَخَلَ اسْتَقبَلَهُ)؛ أي: قابله، وواجهه، (فَقَالَ لِي رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-:
"حَوِّلِي هَذَا) أمرٌ من التحويل، وهو النقل؛ أي: انقليه إلى موضع آخر؛ أي:
غيّري مكانه، واجعليه في مكان، لا أراه فيه، (فَإِنِّي) الفاء للتعليل؛ أي: إنما
أمرتك بتحويله من مكانه لأني (كُلَّمَا دَخَلْتُ) البيت (فَرَأَيْتُهُ ذَكَرْتُ الدُّنْيَا")؛
أي: زخارفها، وزينتها، فأخشى أن يميل قلبي إليها، وتمتدّ عيني إليها، وقد
نهاني الله عزَّ وجلَّ عن ذلك حيث قال: {وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ
زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى (131)} [طه: 131].
وقال السنديّ رحمهُ اللهُ في "حاشية النسائيّ": لا يلزم منه الميل إليها، بل
يجوز أن يذكُرها مع الكراهة، ومع ذلك كرِه أن يحضر لديه صورة الدنيا بأيّ
وجه كان، والله تعالى أعلم. انتهى.
وقال النوويّ رحمهُ اللهُ: هذا محمول على أنه كان قبل تحريم اتخاذ ما فيه
صورة، فلهذا كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يدخل، ويراه، ولا ينكره قبل هذه المرة
الأخيرة. انتهى (?).
(قَالَتْ) عائشة -رضي الله عنها- (وَكَانَتْ لَنَا قَطِيفَةٌ) بفتح القاف، وكسر الطاء: هي
دِثارٌ له خَمْلٌ (?)، والجمع قطائفُ، وقُطُفٌ بضمّتين، قاله الفيّوميّ (?)، وقال في
"النهاية": القطيفة: كساءٌ له خَمْلٌ. انتهى. (كُنَّا نَقُولُ: عَلَمُهَا حَرِيرٌ) يقال:
أعلمتُ الثوبَ: إذا جعلت له عَلَمًا من طراز وغيره، وهي العلامة، وجَمْع
العَلَم أعلام، وجَمْع العلامة علامات (?). (فَكُنَّا نَلْبَسُهَا) زاد في رواية
عبد الأعلى التالية: "فلم يأمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بقطعه"، وفي رواية النسائيّ:
"فلم نقطعه"؛ أي: العَلَم؛ إذ العَلَم من الحرير مباح الاستعمال.