مَثَّلْتُ تَمْثِيلًا، وتَمْثَالًا، وبالكَسْر الصُّورَةُ، وهي الشيءُ المَصنوعُ مُشَبَّهًا بخَلقٍ
من خَلْقِ اللهِ عزَّ وجلَّ، وأصلُه من مَثَّلْتُ الشيءَ بالشيءِ: إذا قَدَّرْتَه على قَدْرِه،
والجمعُ التَّماثيل، ومنه قَوْله تَعالى: {مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ}؛ أي: الأصنام، وقَوْله
تَعالى: {مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ} هي صُوَرُ الأنبياءِ عليهم السَّلام، وكانَ التَّمْثيلُ مُباحًا (?)
في ذلك الوقت. انتهى (?).
(قَالَ) سعيد بن يسار (فَأَتَيْتُ عَائِشَةَ) -رضي الله عنها- (فَقُلْتُ: إِنَّ هَذَا)؛ يعني: زيد بن
خالد الْجُهنيّ -رضي الله عنه- (يُخْبِرُنِي)؛ أي: أخذًا عن أبي طلحة -رضي الله عنه-، (أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم-
قَالَ: "لَا تَدْخُلُ الْمَلَائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ، وَلَا تَمَاثِيلُ"، فَهَلْ سَمِعْتِ) بكسر التاء
خطابًا لعائشة -رضي الله عنها-، (رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- ذَكَرَ ذَلِكَ؟ ) الذي حدّثنيه، (فَقَالَتْ: لَا)؛
أي: لم أسمع هذا النصّ منه -صلى الله عليه وسلم-، (وَلَكِنْ سَأُحُدِّثُكُمْ)؛ تعني: سعيدًا، ومن
معه، (مَا) موصولة مفعول ثاني لـ"أُحَدّث"، (رَأَيْتُهُ) -صلى الله عليه وسلم- (فَعَلَ) صلة "ما" حُذف
منه العائد؛ لكونه فضلة، كما قال في "الخلاصة":
... ... ... ... وَالْحَذْفُ عِنْدَهُمْ كَثِيرٌ مُنْجَلِي
فِي عَائِدٍ مُتَّصِلٍ إِنِ انْتَصَبْ ... بِفِعْلٍ اوْ وَصْفٍ كَـ "مَنْ نَرْجُو يَهَبْ"
وقولها: (رَأَيْتُهُ خَرَجَ) بيان لِمَا فعله، (فِي غَزَاتِهِ) بفتح الغين المعجمة،
بمعنى الغَزْو، وهذه الغَزاة الظاهر أنها غزوة تبوك.
وفي رواية أبي داود: "ولكن سأحدثكم بما رأيته فَعَل، خرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
في بعض مغازيه، وكنت أتَحَيَّن قُفوله، فأخذت نمطًا كان لنا، فسترته على
الْعَرْض، فلما جاء استقبلته، فقلت: السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله
وبركاته، الحمد لله الذي أعزك، وأكرمك، فنظر إلى البيت، فرأى النمط، فلم
يَرُدّ عليّ شيئًا، ورأيت الكراهية في وجهه ... " الحديث.
[تنبيه]: قال القرطبيّ رحمهُ اللهُ: حديث عائشة -رضي الله عنها- كَثُرت رواياته، واختلفت
ألفاظه، حتى يُتوهم أنه مضطرب، وليس كذلك؛ لأنَّه ليس فيه تناقض، وإنَّما
كانت القضية مشتملة على كل ما نُقِل من الكلمات، والأحوال المختلقة، لكن