ومنهم الموكلون بالنار، ومنهم الموكلون بحفظ بني آدم، ومنهم الموكلون بحفظ
أعمال العباد.
وقد ذكر الحافظ ابن كثير رحمهُ اللهُ في "البداية والنهاية" الآيات والأحاديث
التي تدل على هؤلاء الأصناف، وبيّنها أتمّ تبيين، فارجع إليه تستفد علمًا
جمًّا (?).
[تنبيه]: قال الحافظ ابن كثير رحمهُ اللهُ: وقد اختَلَف الناس في تفضيل
الملائكة على البشر على أقوال:
فأكثر ما توجد هذه المسألة في كتب المتكلمون، والخلاف فيها مع
المعتزلة، ومن وافقهم، وأقدم كلام رأيته في هذه المسألة ما ذكره الحافظ ابن
عساكر في "تاريخ ابن عساكر" في ترجمة أمية بن عمرو بن سعيد بن العاص أنه
حضر مجلسًا لعمر بن عبد العزيز، وعنده جماعة، فقال عمر: ما أحد أكرم
على الله من كريم بني آدم، واستدلّ بقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا
الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ (7)} [البينة: 7] ووافقه على ذلك أمية بن عمرو بن
سعيد، فقال عراك بن مالك: ما أحد أكرم على الله من ملائكته، هم خَدَمَةُ
دارَيْه ورسلُهُ إلى أنبيائه، واستدلّ بقوله تعالى: {وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ
الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ} [الأعراف: 20]، فقال عمر بن
عبد العزيز لمحمد بن كعب القرظيّ: ما تقول أنت يا أبا حمزة؟ فقال: قد
أكرم الله آدم فخلقه بيده، ونفخ فيه من روحه، وأسجد له الملائكة، وجعل من
ذريته الأنبياء والرسل، ومن يزوره الملائكة، فوافق عمر بن عبد العزيز في
الحكم واستدلّ بغير دليله، وأضعف دلالة ما صرّح به من الآية، وهو قوله:
{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ (7)} مضموته أنها ليست
خاصّة بالبشر، فإن الله تعالى قد وصف الملائكة بالإيمان في قوله: {وَيُؤْمِنُونَ
بِهِ}، وكذلك الجن: {وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدَى آمَنَّا بِهِ}، {وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ}
[الجن: 13 - 14].
قال ابن كثير رحمهُ اللهُ: وأحسن ما يستدلّ به في هذه المسألة ما رواه