[تنبيه]: من لطائف هذا الإسناد:
أنه من سُباعيّات المصنّف رحمهُ اللهُ، وأنه مسلسل بالمدنيين من ابن شهاب،
والباقون مصريّون، وفيه رواية صحابيّ عن صحابيّة هي خالته، ورواية تابعيّ
عن تابعيّ.
شرح الحديث:
(عَنْ) عبيد (ابْنِ السَّبَّاقِ) بفتح السين المهملة، وتشديد الموحّدة، (أَنَّ
عَبْدَ اللهِ بْنَ عَبَّاسٍ) -رضي الله عنهما- (قَالَ: أَخْبَرَتْنِي مَيْمُونَةُ) بنت الحارث -رضي الله عنها-، وهي خالته
(أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- أَصْبَحَ يَوْمًا وَاجِمًا)؛ أي: ساكتًا مهتمًّا، والواجم الذي
أسكته الهمّ، وغلبته الكآبة، وقيل: الوجوم: الحزن، قاله ابن الأثير (?).
وقال النوويّ: هو بالجيم، قال أهل اللغة: هو الساكت الذي يظهر عليه
الهمّ والكآبة، وقيل: هو الحزين، يقال: وَجَمَ يَجِمُ -من باب ضَرَبَ-
وُجُومًا. انتهى (?).
(فَقَالَتْ مَيْمُونَةُ) -رضي الله عنها- (يَا رَسُولَ اللهِ، لَقَدِ اسْتَنْكَرْتُ)؛ أي: جَهِلنا،
يقال: أنكره، واستنكره، وتناكره: إذا جهله (?). (هَيْئَتَكَ) بفتح الهاء،
وسكون التحتانيّة: الحالة الظاهرة، يقال: هاء يهوءُ، ويهيء هيئةً حسنةً: إذا
صار إليها (?). (مُنْذُ الْيَوْمِ)؛ أي: في هذا اليوم؛ لأن "منذ"، و"مُذْ" إذا جرّا
حاضرًا كانا بمعنى "في"، نحو: ما رأيته منذ، أو مذ يومنا، وإن جرّا
ماضيًا كانا بمعنى "من"، نحو: ما رأيته منذ، أو مذ يوم الجمعة، قال في
"الخلاصة":
وَإِنْ يَجُرَّا فِي مُضِيٍّ فَكَـ "مِنْ" ... هُمَا وَفِي الْحُضُورِ مَعْنَى "فِي" اسْتَبِنْ
فالمعنى هنا: لقد استنكرتُ؛ أي: جهِلت حالتك في هذا اليوم؛ أي:
إنك تغيّرت عما كنّا نعهده منك فيما مضى من الزمن، من الانبساط
والانشراح، وبشاشة الوجه، والله تعالى أعلم.