وللطبراني من وجه آخر، عن ابن عباس: "كان النبيّ -صلى الله عليه وسلم- يتختم في يمينه"،
وفي سنده لِيْن، وأخرج الترمذيّ أيضًا، من طريق حماد بن سلمة: "رأيت ابن
أبي رافع يتختم في يمينه، وقال: "كان النبيّ -صلى الله عليه وسلم-يتختم في يمينه"، ثم نقل عن
البخاريّ أنه أصح شيء رُوي في هذا الباب.
وأخرج أبو داود، والنسائيّ، والترمذيّ في "الشمائل"، وصححه ابن
حبان من طريق إبراهيم بن عبد الله بن حنين، عن أبيه، عن عليّ: "أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم -
كان يتختم في يمينه". انتهى (?).
فتبيّن بهذا أن زيادة "في يمينه " في هذا الحديث صحيحة؛ لِمَا سمعت من
المتابعة، والشواهد الصحيحة لها، فلا تلتفت إلى ما كتبه بعضهم (?) مرجّحًا
انتقاد الدارقطنىّ، ومضعّفًا هذه الزيادة، فإنه مبنيّ على عدم اعتبار الشواهد
المذكورة، كيف، ومسلم إمام مطّلع، قد اطّلع على هذه الشواهد، ثم لم يذكر
رواية إسماعيل بن أبي أوشى بمفردها، كما ادّعاه الدارقطني، بل أورد روايته
متابعة لرواية طلحة بن يحيى، فتبصّر بالإنصاف، ولا تكن أسير التقليد، والله
تعالى أعلم.
قال النوويّ: وأما الحكم في المسألة عند الفقهاء، فأجمعوا على جواز
التختم في اليمين، وعلى جوازه في اليسار، ولا كراهة في واحدة منهما،
واختلفوا أيتهما أفضل؟ فتختّم كثيرون من السلف في اليمين، وكثيرون في
اليسار، واستَحَبّ مالك اليسار، وكَرِه اليمين، قال: وفي مذهبنا- يعني:
الشافعيّة- وجهان لأصحابنا: الصحيح أن اليمين أفضل؛ لأنه زينة، واليمين
أشرف، وأحقّ بالزينة، والإكرام. انتهى.
وقوله: (كَانَ يَجْعَلُ فَصَّهُ مِمَّا يَلِي كَفَّهُ) ترجم البخاريّ رحمه الله على هذا في
"صحيحه"، فقال: "باب من جعل فصّ الخاتم في بطن كفّه"، قال ابن بطال:
قيل لمالك: يُجعَل الفصُّ في باطن الكفّ؟ قال: لا، قال ابن بطال: ليس في