لا أصل له، والصواب أنه لا كراهة في لُبسها خاتم الفضة. انتهى (?).

2 - (ومنها): التبرّك بآثار النبىّ -صلى الله عليه وسلم-، وأما التبرّك بآثار غيره -صلى الله عليه وسلم- كما ادّعاه

النوويّ ففيه نَظر لا يخفى؛ إذ ليسق هذا من هدي السلف؛ فإن الصحابة -رضي الله عنهم-

كان أبو بكر أحبّ الناس إليهم بعده -صلى الله عليه وسلم-، فما كانوا يفعلوا ذلك معه، وكذا

التابعون لم يتبرّكوا بآثار الصحابة -رضي الله عنهم-، حتى بالخلفاء الراشدين، فمن زعم ذلك

فليأتنا بحجته، وهيهات، {قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [النمل: 64].

3 - (ومنها): بيان ما كان عليه الخلفاء الراشدون - رضي الله عنهم- من محبّته -صلى الله عليه وسلم-،

واقتفاء آثاره، فقد تداولوا خاتمه -صلى الله عليه وسلم- مدّة خلافتهم حتى فُقد في عهد

عثمان -رضي الله عنه-، قال القرطبىّ رحمه الله: وكون الخلفاء تداولوا خاتم النبىّ-صلى الله عليه وسلم- إنما

كان ذلك تبركًا بآثاره -صلى الله عليه وسلم-، واقتداءً به، واستصحابًا لحاله؛ حتى كأنَّه حيٌّ

معهم، ولم يزل أمرهم مستقيمًا متفقًا عليه في المدَّة التي كان ذلك الخاتم

فيهم، فلما فُقِد اختلف الناس على عثمان -رضي الله عنه-، وطرأ من الفتن ما هو

معروف، ولا يزال الْهَرْج إلى يوم القيامة. انتهى (?).

وقال في "الفتح": قال بعض العلماء: كان في خاتمه -صلى الله عليه وسلم-، من السرّ

شيء مما كان في خاتم سليمان عليه السلام؛ لأن سليمان لَمّا فقد خاتمه ذهب ملكه،

وعثمان لَمّا فقد خاتم النبيّ -صلى الله عليه وسلم- انتقض عليه الأمر، وخرج عليه الخارجون،

وكان ذلك مبدأ الفتنة، التي أفضت إلى قتله، واتصلت إلى آخر الزمان. انتهى.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هذا الذي قاله البعض من أن انتظام مُلك

سليمان عليه السلام كان على خاتمه يحتاج إلى ثبوت نقل صحيح، ولا أظنه يثبُت،

فقد ذكر الإمام ابن كثير رحمه الله قضة خاتم سليمان في "تفسيره" عند قوله عزوجل:

{وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ثُمَّ أَنَابَ (34)} الآية [ص: 34]، مطوّلة،

ومختصرة عن ابن عبّاس -رضي الله عنهما-، ثم قال: إسناده إلى اين عبّاس -رضي الله عنهما- قويّ، ولكن

الظاهر أنه إنما تلقّاه ابن عبّاس -رضي الله عنهما-، إن صحّ عنه من أهل الكتاب، وفيهم

طائفة لا يعتقدون نبؤة سليمان عليه السلام، فالظاهر أنهم يكذبون عليه. انتهى كلام

ابن كثير باختصار.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015