وهذا في حقّ الكافر ظاهر أيضاً، وأما في حقّ المؤمن فمحمول على التغليظ
أيضاً، والله تعالى أعلم.
وقوله: ("شَقِّقْهَا خُمُراً بَيْنَ نِسَائِكَ") "خُمُراً" بضمّ الخاء، والميم، ويجوز
إسكانها: جمع خمار بالكسر، وهو ما يوضع على رأس المرأة، وقوله: "بين
نسائك" ويأتي بلفظ: "بين الفواطم"، وهنّ: فاطمة بنت النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وفاطمة
بنت أسد أم عليّ، وفاطمة بنت حمزة - رضي الله عنهم -، وفيه دليل على جواز لبس النساء
الحرير، وهو مجمع عليه اليوم، وإن كان فيه خلاف بين السلف، كما أسلفنا
تحقيقه في المسائل المذكورة في شرح حديث البراء - رضي الله عنه - أول الباب، ولله
الحمد والمنّة.
وقوله: (وَقَدْ قُلْتَ بِالأَمْسِ ... إلخ) هذا ظاهر أن القصّة وقعت خلال
يومين متتالين، ويَحْتَمِل أن يكون مجازاً عما مضى من الوقت القريب، ويدلّ
عليه ظاهر قوله في الرواية التالية بلفظ: "فَلَبِثَ عُمَرُ مَا شَاءَ اللهُ"، والله تعالى
أعلم.
وقوله: (لِتُصِيبَ بِهَا)؛ أي: لتنال بسبب بيعها مالاً تتنفع به.
والحديث بهذا السياق من أفراد المصنف -رَحِمَهُ اللهُ-، والله تعالى أعلم.
وبالسند المتّصل إلى المؤلّف -رَحِمَهُ اللهُ- أوّل الكتاب قال:
[5393] ( ... ) - (وَحَدَّثَنِي أبُو الطَاهِرِ، وَحَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى -وَالفَفْظُ
لِحَرْمَلَةَ- قَالَا: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، حَدثنِي
سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ قَالَ: وَجَدَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ حُلَّةً مِنْ
إِسْتَبْرَقٍ، يردباعُ بِالشُوقِ، فَأَخَذَهَا، فَأَتَى بِهَا رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ
ابْتَعْ هَذِهِ، فَتَجَئَلْ بِهَا لِلْعِيدِ، وَبلْوَفْدِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّمَا هَذِهِ لِبَاسُ
مَنْ لَا خَلَاقَ لَهُ"، قَالَ: فَلَبِثَ عُمَرُ مَا شَاءَ اللهُ، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -
بِجُئةِ دِيبَاجٍ، فَأَقْبَلَ بِهَا عُمَرُ، حَتَّى أَتَى بِهَا رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ
قُلْتَ: "إِنَّمَا هَذِهِ لِبَاسُ مَنْ لَا خَلَاقَ لَهُ"، أَوْ: (إِنَّمَا يَلْبَسُ هَذِهِ مَنْ لَا خَلَاقَ
لَهُ"، ثُمَّ أَرْسَلْتَ إِلَيَّ بِهَذِهِ, فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "تَبِيعُهَا، وَتُصِيبُ بِهَا
حَاجَتَكَ").