(لَهُمْ)؛ أي: للكفّار (فِي الدُّنْيَا، وَهُوَ)؛ أي: المذكور، (لَكُمْ) أيها
المسلمون (فِي الآخِرَةِ) قال الإسماعيليّ -رَحِمَهُ اللهُ-: ليس المراد بقوله: "في الدنيا"
إباحة استعمالهم إياه، وإنما المعنى بقوله: "لهم"؛ أي: هم الذين يستعملونه
مخالفةً لزيّ المسلمين، وكذا قوله: "ولكم في الآخرة"؛ أي: تستعملونه مكافأة
لكم على تركه في الدنيا، ويُمنعه أولئك جزاءً لهم على معصيتهم باستعماله.
ويَحْتَمِل أن يكون فيه إشارة إلى أن الذي يتعاطى ذلك في الدنيا، لا
يتعاطاه في الآخرة، مِنْ شرب الخمر، ولباس الحرير، ففي حديث عبد الله بن
الزبير - رضي الله عنهما -، مرفوعاً: "مَنْ لبس الحرير في الدنيا، فلن يلبسه في الآخرة"، رواه
البخاريّ، ومسلم، وعن ابن عمر - رضي الله عنهما - مرفوعاً: "من شرب الخمر في الدنيا لم
يشربها في الآخرة"، متّفقٌ عليه.
وقال النوويّ -رَحِمَهُ اللهُ-: أي: إن الكفار إنما يحصل لهم ذلك في الدنيا، وأما
الآخرة فما لهم فيها من نصيب، وأما المسلمون فلهم في الجنة الحرير،
والذهب، وما لا عين رأت، ولا أُذُن سمعت، ولا خطر على قلب بشر.
وليس في الحديث حجة لمن يقول: الكفار غير مخاطبين بالفروع؛ لأنه
لم يصرِّح فيه بإباحته لهم، وإنما أخبر عن الواقع في العادة، أنهم هم الذين
يستعملونه في الدنيا، وإن كان حراماً عليهم، كما هو حرام على المسلمين.
انتهى (?).
وقوله: (يَوْمَ الْقِيَامَةِ") قال النوويّ -رَحِمَهُ اللهُ-: إنما جَمَع بينهما؛ لأنه قد يُظن
أنه بمجرد موته صار في حكم الآخرة، في هذا الإكرام، فبيَّن أنه إنما هو في
يوم القيامة، وبَعده في الجنة أبداً، ويَحْتَمِل أن المراد: أنه لكم في الآخرة، من
حين الموت، ويستمر في الجنة أبداً. انتهى (?).
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث حذيفة - رضي الله عنه - هذا متّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): في تخريجه: