"والثاني": بفتح الميم (?) والسين، على أن يكون بمعنى القسم، وإبراره
هو الوفاء بمقتضاه، وعدم التحنيث فيه، فإن كان ذلك على سبيل اليمين، كما
إذا قال: والله لتفعلنّ كذا، فهو آكد مما إذا كان على سبيل التحليف؛ كقوله:
بالله افعل كذا؛ لأن في الأول إيجاب الكفارة على الحالف (?)، وفيه تغريم
للمال، وذلك إضرار به. انتهى (?).
قال الحافظ - رحمه الله - عند قوله: "وإبرار المقسم"-: واختُلف في ضبط
السين، فالمشهور أنها بالكسر، وضمّ أوله على أنه اسم فاعل، وقيل: بفتحها؛
أي: الإقسام، والمصدر قد يأتي للمفعول، مثل: أدخلته مُدْخَلاً بمعنى
الإدخال، وكذا أخرجته. انتهى (?).
[تنبيه]: إبرار القسم إنما يلزم فيما إذا كان جائزاً، ولا يمنع منه مانعٌ،
وإلا فلا يلزم؛ لأن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - لمّا أقسم أبو بكر عليه لَيُخبرنّه بما أصاب في
تعبير الرؤيا، وما أخطأ، قال له: "لا تُقسم"، ولم يبرّ - صلى الله عليه وسلم - قسمه، لحكمة لا
نعلمها، قاله الصنعانيّ، ومعنى قوله: "لا تقسم"؛ أي: لا تكرر القسم، وإلا
فإنه قد أقسم، حيث قال: "أقسمت عليك يا رسول الله لتخبرنّي بالذي أصبت
من الذي أخطأت ... ". قاله الكرمانيّ، والحديث متّفقٌ عليه.
(وَنَصْرِ الْمَظْلُومِ)؛ أي: إعانته، وهو فرض كفاية، وهو عامّ في
المظلومين، وكذلك في الناصرين، بناءَ على أن فرض الكفاية مخاطَب به
الجميع، وهو الراجح، ويتعيّن أحياناً على من له القدرة عليه وحده، إذا لم
يترتّب على إنكاره مفسدة، أشدّ من مفسدة المنكَر، فلو علم، أو غلب على ظنه
أنه لا يُفيد سقط الوجوب، وبقي أصل الاستحباب بالشرط المذكور، فلو
تساوت المفسدتان تخيّر.