حرامٌ، وعن ابن عبّاس - رضي الله عنهما - أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "كُلْ ما شئت، والبَسْ ما
شئت، ما أخطَاتْكَ اثنتان: سَرَف، ومخيلة"، ذكره البخاريّ تعليقاً في أوائل
اللباس، وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنّفه" (?).
والمبدأ الثالث أن اللباس الذي يتشبّه به الإنسان بأقوام كفرة لا يجوز
لُبْسه لمسلم إذا قصد بذلك التشبّه بهم، قال ابن نُجيم في "البحر الرائق" (?): ثم
اعلم أن التشبّه بأهل الكتاب لا يُكره في كلّ شيء، فإنا نأكل ونشرب كما
يفعلون، إنما الحرام هو التشبّه فيما كان مذموماً، وفيما يُقصد به التشبّه، كذا
ذكره قاضي خان في "شرح الجامع الصغير"، فعلى هذا لو لم يقصد التشبّه لا
يُكره عندهما، وقال هشام في "نوادره: رأيت على أبي يوسف - رحمه الله - نعلين
محفوفين بمسامير الحديد، فقلت له: أترى بهذا الحديد بأساً؟ فقال: لا،
فقلت له: إن سفيان، وثور بن يزيد كرها ذلك؛ لأنه تشبُّه بالرهبان، فقال أبو
يوسف - رحمه الله -: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يلبس النعال التي لها شُعور، وإنها من لباس
الرهبان، فقد أشار إلى أن صورة المشابهة فيما يتعلّق به صلاح العباد لا تضرّ،
وقد يتعلّق بهذا النوع من الأحكام صلاح العباد، فإن من الأراضي ما لا يمكن
قطع المسافة البعيدة فيها إلا بهذا النوع من الأحكام، كذا في "المحيط" في
المتفرّقات (?).
والمبدأ الرابع أن لُبس الحرير حرام للرجال دون النساء، وكذلك إسبال
الإزار تحت الكعبين لا يجوز للرجال، ويجوز للنساء.
وقال الإمام الشيخ وليّ الله الدهلويّ - رحمه الله - في "حجة الله البالغة": اعلم
أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - نظر إلى عادات العجم، وتعمّقاتهم في الاطمئنان بلذّات الدنيا،
فحرّم رؤوسها، وأصولها، وكَرِه ما دون ذلك؛ لأنه عَلِم أن ذلك مُفضٍ إلى
نسيان الدار الآخرة، مستلزم للإكثار من طلب الدنيا، فمن تلك الرؤوس اللباس
الفاخرة، فإن ذلك أكبر همّهم، وأعظم فخرهم، والبحث عنه من وجوه: