ولأحمد أيضًا، وأبي مسلم الكجيّ، وقاسم بن ثابت، في "الدلائل"،
والبغويّ في "الصحابة" من طريق محمد بن معن بن نَضْلة الغفاريّ: حدّثني
جدّي نَضْلة بن عمرو قال: أقبلت في لقاح لي حتى أتيت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -،
فأسلمت، ثم أخذت عُلبة، فحلبت فيها فشربتها، فقلت: يا رسول الله إن كنت
لأشربها مرارًا لا أمتلئ - وفي لفظ: إن كنت لأشرب السبعة فما أمتليّ، فذكر
الحديث، وهذا أيضًا لا ينبغي أن يُفَسَّر به مبهم حديث الباب؛ لاختلاف
السياق.
ووقع في كلام النوويّ (?) تبعًا لعياض (?) أنه بصرة بن بصرة (?) الغفاريّ،
وذكر ابن إسحاق في "السيرة" من حديث أبي هريرة في قصة ثُمامة بن أثال أنه
لَمّا أُسر، ثم أسلم، وقعت له قصة تشبه قصة جَهْجاه، فيجوز أن يُفَسَّر به، وبه
صدّر المازريّ (?) كلامه. انتهى.
(فَأَمَرَ لَهُ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِشَاةٍ، فَحُلِبَتْ) بالبناء للمفعول، (فَشَرِبَ حِلَابَهَا)
بكسر الحاء المهملة، بوزن كتاب: المراد به هنا هو المحلوب، وهو اللبن،
وقد يقال على الْمِحْلَب: حلاب، وهو: الإناء الذي يُحلَب فيه، وقد تقدَّم في
"الطهارة"، قاله القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ - (?).
وقال المجد: - رَحِمَهُ اللهُ -: الْحَلْبُ - أي: بفتح، فسكون - ويُحرّك: استخراج ما
في الضرع من اللبن؛ كالحِلَاب بالكسر، والاحتلاب، والفعل من بابي نصر،
وضرب، والْمِحْلب، والحلاب بكسرهما: إناء يُحْلبَ فيه. انتهى (?).
قال الجامع عفا الله عنه: والمناسب هنا هو المعنى المصدريّ، كما قال
القرطبيّ بتأويله بالمفعول؛ أي: شرب محلوبها كلِّه، والله تعالى أعلم.