يُسَلِّمُ)؛ أي: كما هو هديه عند دخوله البيت، فإنه لا يدخل إلا بسلام (ثُمَّ أَتَى
الْمَسْجِدَ) قال القرطبيّ: يعني به - والله أعلم -: مسجد بيته؛ أي: حيث كان
يصلّي النوافل (?). (فَصَلَّى، ثُمَّ أَتَى شَرَابَهُ)؛ أي: أتى موضع شرابه الذي خُبىء
له فيه، (فَكَشَفَ عَنْهُ)؟ أي: كشف الغطاء عن إناء شرابه (فَلَمْ يَجِدْفِيهِ شَيْئًا)
من اللبن، (فَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ)؟ أي: ليدعو ربّه، قال المقداد - رضي الله عنه -:
(فَقُلْتُ: الآنَ)؛ أي: في هذه الساعة التي رفع - صلى الله عليه وسلم - رأسه فيها إلى السماء (يَدْعُو
عَلَيَّ) حيث شربت نصيبه، وبات طويًا (فَأَهْلِكُ) بدعائه - صلى الله عليه وسلم -. (فَقَالَ) - صلى الله عليه وسلم - ("اللَّهُمَّ
أَطْعِمْ) بقطع الهمزة فعلُ دعاء من الرباعيّ، (مَنْ أَطْعَمَنِي)؛ أي: يُطعمني، فهو
بمعنى المضارع، (وَأَسْقِ) يَحْتَمِل أن يكون بوصل الهمزة، من سقى الثلاثيّ،
وأن يكون بقطعها من أسقى الرباعيّ، فكلاهما لغتان فصيحتان، قال الله
تعالى: {وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا} [الإنسان: 21]، وقال: {لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقً}
[الجن: 16]، والاحتمال الثاني أَولى؛ لمناسبة قوله: (مَنْ أَسْقَانِي")؛ أي:
يُسقيني، كما في "من أطعمني". (قَالَ) المقداد - رضي الله عنه -: (فَعَمَدْتُ) بفتح الميم،
من باب ضرب؛ أي: قصدت (إِلَى الشَّمْلَةِ)؛ أي: إلى الاشتمال بها،
وتشميرها، كما بيّنه بقوله: (فَشَدَدْتُهَا)؛ أي: ربطت تلك الشملة (عَلَيَّ، وَأَخَذْتُ
الشَّفْرَةَ) بفتح الشين المعجمة، وسكون الفاء: هي الْمُدْية، وهي السكّين
العَرِيض، والجمع شِفَارٌ، مثلُ كَلْبة وكلاب، وشَفَرَاتٌ، مثلُ سجْدَة وسجدات،
قاله الفيّوميّ -رحمه الله- (?). (فَانْطَلَقْتُ إِلَى الأَعْنُزِ أَيُّهَا أَسْمَنُ) "أيّ" هنا موصولة
بمعنى "التي"، صفة لـ "الأعنُز" فهي مبنيّة على الضمّ لِحَذْف صَدْر صِلَتها؛ أي:
هي أسمن، وإلى هذا أشار في "الخلاصة" حيث قال:
"أَيٌّ" كَ "مَا" وَأُعْرِبَتْ مَا لَمْ تُضَفْ ... وَصَدْرُ وَصْلِهَا ضَمِيرٌ انْحَذَفْ
ونظيره قوله تعالى: {ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيًّا (69)}
[مريم: 69].
(فَاذْبَحُهَا لِرَسُول اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَإذَا هِيَ حَافِلَةٌ) "إذا" هنا فجائيّة؛ أي: ففاجأني