الأول: أني تنبّهت بعد الشُّرب أنه لم يكن لي سبيل في جواز شرب نصيب

رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والثاني: أنه لا سبيل الآن إلى إعادة ما شربته إلى محلّه.

انتهى (?).

قمال الجامع عفا الله عنه: لا يَخفى ما في الاحتمال الأول من البُعد،

فالاحتمال الثاني، هو الأقرب، والأظهر، فتنبّه، والله تعالى أعلم.

(قَالَ) المقداد (نَدَّمَنِي الشَّيْطَانُ) بتشديد الدال المهملة؛ أي: حملني على

الندم، وقوله: (فَقَالَ ... إلخ) بيان لكيفيّة تنديمه. (فَقَالَ) الشيطان (ويحَكَ) تقدّم

أنها كلمة ترحّم، لكنها هنا بمعنى ويلك، وهي كلمة عذاب. (مَا صنَعْتَ؟ )

"ما" استفهاميّة، مفعول مقدَّم لـ "صنعت"؛ أي: أي شيء صنعت؟ وهو استفهام

إنكار، وتوبيخ. (أَشَرِبْتَ شَرَابَ مُحَمَّدٍ؟ ) - صلى الله عليه وسلم - (فَيَجِيءُ) - صلى الله عليه وسلم - إلى شرابه (فَلَا

يَجِدُهُ) حيث شربته أنت، (فَيَدْعُو عَلَيْكَ) بالهلاك (فَتَهْلِكُ، فَتَذْهَبُ دُنْيَاكَ

وَآخِرَتُكَ)؛ أي: تخسر في الدنيا والآخرة. (وَعَلَيَّ شَمْلَةٌ) بفتح الشين

المعجمة، وإسكان الميم: كِساء صغير يُشتَمَل به؛ أي: يُلتَحَف به على كيفيّة

مخصوصة، قد ذكرناها في "كتاب الصلاة" (?).

وقال الفيّوميّ: الشَّمْلة: كساء صغير يُؤتَزَر به، والجمع: شَمَلاتٌ، مثلُ

سَجْدةٍ وسَجَداتٍ، وشِمَالٌ أيضًا، مثلُ كَلْبة وكلاب. انتهى (?).

(إِذَا وَضَعْتُهَا عَلَى قَدَمَيَّ) يَحْتَمِل أن يكون بالتثنية، فالياء مشدّدة، ويَحْتَمِل

الإفراد، فالميم مخفّفة، والأول هو الأَولى بدليل قوله الآتي: "قدماي". (خَرَجَ

رَأسِي، وَإِذَا وَضَعْتُهَا عَلَى رَأسِي خَرَجَ قَدَمَايَ، وَجَعَلَ لَا يَجِيئُنِي النَّوْمُ)؛ أي:

لاشتداد كَرْبه بسبب ما صنعه مِن شُرب نصيب النبيّ كلم، أو لأجل البرد حيث

فقد لباسًا يعمّ جسده، والأول أظهر، كما يقتضيه السياق. (وَأمَّا صاحِبَايَ،

فَنَامَا) لعدم ما يمنعهما من النوم؛ إذ لم يفعلا ما فعل المقداد، كما أشار إليه

بقوله: (وَلَمْ يَصْنَعَا مَا صَنَعْتُ، قَالَ) المقداد (فَجَاءَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -، فَسَلَّمَ كَمَا كَانَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015