الجميل (?)؛ إذ هو تعظيم للنبيّ - صلى الله عليه وسلم - غاية التعظيم.
وقال القرطبيّ -رحمه الله-: وانما تحرَّج أبو أيوب - رضي الله عنه - من البقاء في العلو الذي
كان النبيّ - صلى الله عليه وسلم - تحته؛ إعظامًا للرسول - صلى الله عليه وسلم -، واحترامًا عن أن يعلوه، ولإمكان أن
يسقط من العلو شيء عند حركتهم في العلو، فيؤذي النبيّ - صلى الله عليه وسلم -. انتهى (?).
(فَكَانَ) أبو أيوب (يَصْنَعُ لِلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - طَعَامًا، فَإِذَا جِيء بِهِ)؛ أي: بذلك
الطعام (إِلَيْهِ)؛ أي: إلى أبي أيوب بعدما يأكل النبيّ - صلى الله عليه وسلم - منه، (سَأَل) أبو أيوب
(عَنْ مَوْضِعِ أَصَابِعِهِ) - صلى الله عليه وسلم - (فَيَتَتبَّعُ مَوْضِعَ أصَابِعِهِ) والمعنى: أن أبا أيوب - رضي الله عنه - إذا
بَعَث إلى النبيّ - صلى الله عليه وسلم - طعامًا، فأكل منه حاجته، ثم رَدّ الفضلة أكل أبو أيوب من
موضع أصابع النبيّ - صلى الله عليه وسلم -؛ تبرّكًا به، ففيه التبرك بآثار النبيّ - صلى الله عليه وسلم - في الطعام،
وغيره، والله تعالى أعلم.
(فَصَنَعَ) أبو أيوب (لَهُ) - صلى الله عليه وسلم - (طَعَامًا فِيهِ ثُومٌ، فَلَمَّا رُدَّ) بالبناء للمفعول؛
أي: لمّا رُد ذلك الطعام من عنده - صلى الله عليه وسلم - (إِلَيْهِ)؛ أي: إلى أبي أيوب، (سَأَل) أبو
أيوب (عَنْ مَوْضِعِ أَصابِع النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَقِيلَ لَهُ: لَمْ يَأكُلْ) - صلى الله عليه وسلم - منه؛ لكون الثّوم
فيه. (فَفَزعَ) بكسر الزاي، من باب تَعِب؛ أي: فَزَع أبو أيوب - رضي الله عنه - من عدم
أَكْله - صلى الله عليه وسلم - من ذلك الطعام؛ لخوفه أن يكون حَدَث منه أمر أوجب الامتناع من
طعامه، (وَصَعِدَ) بكسر العين المهملة، من باب سَمِعَ صُعُودًا: رَقِي، (إِلَيْهِ) - صلى الله عليه وسلم -
(فَقَالَ) بعدما سأل النبيّ - صلى الله عليه وسلم - عن عدم أَكْله منه، فأخبره بأن فيه ثُومًا، (أَحَرَامٌ
هُوَ؟ )؛ أي: الثوم، قال القرطبيّ -رحمه الله-: هذا سؤال من يعتقد أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - إذا
ترك أكل شيء جرت العادة بأكله كان ذلك دليلًا على تحريمه ذلك، ولذلك
أجابه النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بقوله: "لا"، وهو ردٌّ على من يقول من أهل الظاهر: إنه
حرام، يمنع حضور الجماعات للصلاة، وقد تقدّم الكلام على هذا في "كتاب
الصلاة". انتهى (?).
(فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "لَا)؛ أي: ليس بحرام، (وَلَكِنِّي أَكْرَهُهُ)؛ أي: لرائحته