وقال القرطبيّ رحمه اللهُ: وقوله: "أكلًا ذريعًا"؛ أي: كثيرًا، و"حثيثًا"؛ أي:
مستعجِلًا، وحاصلهما أنَّه كان يأكل أكلًا لا تصنُّع فيه، ولا رياء، ولا كِبْر؛
فإذا احتاج إلى الإكثار أكل، وإذا حفزه أمرٌ استعجل، لكنه ما كان يخرج عن
أدب، ولا يفعل شيئًا غير مستحسَن - صلى الله عليه وسلم -. انتهى (?)، والله تعالى أعلم.
{إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ}.
(13) - (بابُ نَهْيِ الآكِلِ مَعَ جَمَاعَةٍ عَنْ قِرَانِ تَمْرَتَيْنِ وَنَحْوِهِمَا،
فِي لُقْمَةٍ إِلَّا بإذْنِ أَصْحَابِهِ)
وبالسند المتّصل إلى المؤلّف رحمه اللهُ أوّل الكتاب قال:
[5322] (2045) - (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ،
حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ جَبَلَةَ بْنَ سُحَيْمٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ يَرْزُقُنَا التَّمْرَ. قَالَ:
وَقَدْ كَانَ أَصَابَ النَّاسَ يَوْمَئِذٍ جُهْدٌ، وَكُنَّا نأْكُلُ، فَيَمُرُّ عَلَيْنَا ابْنُ عُمَرَ، وَنَحْنُ نَأْكُلُ،
فَيَقُولُ: لَا تُقَارِنُوا، فَإنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنِ الإقْرَانِ، إِلا أَنْ يَسْتَأذِنَ الرَّجُلُ
أَخَاهُ، قَالَ شُعْبَةُ: لَا أُرَى هَذِهِ الْكَلِمَةَ إِلَّا مِنْ كَلِمَةِ ابْنِ عُمَرَ، يَعْنى الاسْتِئْذَانَ).
رجال هذا الإسناد: خمسة:
1 - (جَبَلَةُ بْنُ سُحَيْمٍ) -بمهملتين، مصغّرًا- الكوفيّ، ثقةٌ [3] (ت 125)
(ع) تقدم في "الصيام" 2/ 2509.
2 - (عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ) بن الخطّاب - رضي الله عنهما -، تقدّم قريبًا.
والباقون تقدّموا قبل باب.
[تنبيه]: من لطائف هذا الإسناد:
أنه من خماسيّات المصنّف رحمه اللهُ، وأن شيخه أحد التسعة الذين روى
عنهم الجماعة بلا واسطة، كما مرّ غير مرّة، وفيه ابن عمر - رضي الله عنهما - أحد العبادلة
الأربعة، والمكثرين السبعة، وأنه مسلسل بالتحديث والسماع.