قوله: "مُقعيًا"؛ أي: جالسًا على أليتيه (?) ناصبًا ساقيه، ومُحتفز هو
بالزاي؛ أي: مُستعجلٌ، مُستوفزٌ، غير متمكن في جلوسه، وهو بمعنى قوله:
"مُقعيًا"، وهو أيضًا معنى قوله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الآخر في "صحيح البخاريّ"
وغيره: "لا آكل متكئًا"، على ما فسَّره الإمام الخطابيّ، فإنه قال: المتكئ هنا:
المتمكن في جلوسه، من التربّع وشِبهه المعتمد على الوِطاء تحته، قال: وكل
من استوى قاعدًا على وِطاء فهو متكئ، ومعناه: لا آكل أكل من يريد
الاستكثار من الطعام، ويقعد له متمكنًا، بل أقعد مستوفزًا، وآكل قليلًا.
وقوله: (يَأْكُلُ تَمْرًا) جملة حاليّة من "النبيّ - صلى الله عليه وسلم - " بعد الحال المفرد، وهو
جائز، قال في "الخلاصة":
وَالْحَالُ قَدْ يَجِيءُ ذَا تَعَدُّدِ ... لِمُفْرَدٍ فَاعْلَمْ وَغَيْرِ مُفْرَدِ
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه - هذا من أفراد
المصنّف رحمه اللهُ.
(المسألة الثانبة): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [12/ 5320 و 5321] (2044)، و (أبو داود) في
"الأطعمة" (3771)، و (الترمذيّ) في "الشمائل" (142)، و (النسائيّ) في
"الكبرى" (4/ 171)، و (عبد الرزّاق) في "مصنّفه" (2/ 197)، و (الحميديّ) في
"مسنده" (2/ 512)، و (أحمد) في "مسنده" (3/ 180 و 203)، و (أبو يعلى) في
"مسنده" (6/ 324)، و (البيهقيّ) في "الكبرى" (7/ 283) و"شُعب الإيمان" (5/
107)، والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): قال الإمام البخاريّ رحمه اللهُ في "صحيحه": "باب الأكل
متّكئًا"، ثم أورد حديث أبي جُحيفة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إني لا آكل متّكئًا"، وفي رواية: "كنت عند النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فقال لرجل عنده: لا آكل وأنا متّكىء".