وأهل الحجاز ينادُون بها بلفظ واحد للمذكر، والمؤنث، والمفرد،
والجمع، وعليه قوله تعالى: {وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا}.
وفي لغة نجد تَلحقها الضمائر، وتُطابَقُ، فيقال: هَلُمِّي، وهَلُمَّا،
وهَلُمُّوا، وهَلْمُمْنَ؛ لأنهم يجعلونها فعلًا، فيُلحقونها الضمائر، كما يلحقونها
قُمْ، وقوما، وقوموا، وقُمْن.
وقال أبو زيد: استعمالها بلفظ واحد للجميع من لغة عُقَيل، وعليه قِيسَ
بعدُ، وإلحاق الضمائر من لغة بني تميم، وعليه أكثر العرب، وتُستعمل لازمةً،
نحو: {هَلُمَّ إِلَيْنَا}؛ أي: أقبل، ومتعديةً، نحو: {قُلْ هَلُمَّ شُهَدَاءَكُمُ}
[الأنعام: 150]؛ أي: أحضروهم. انتهى (?).
(فَأَتَتْ بِذَلِكَ الْخُبْزِ) الذي بعثت به ابنها أنسًا إلى النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، (فَأَمَرَ بِهِ
رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَفُتَّ) بضمّ الفاء، وتشديد التاء، مبنيًّا للمفعول: يقال: فَتَّ
الرجلُ الخبزَ فَتًّا، من باب نصر، فهو مفتوتٌ، وفَتِيتٌ، والْفَتيتة أخصّ منه،
والْفُتاتُ بالضمّ: ما تفتّت من الشيء (?).
(وَعَصَرَتْ عَلَيْهِ أُمُّ سُلَيْمٍ عُكَّةً لَهَا، فَأَدَمَتْهُ) بالقصر، والمدّ لغتان: أَدَمته،
وآدمته؛ أي: صَيّرت ما خرج من العُكّة له إدامًا، و"الْعُكّة" -بضم المهملة،
وتشديد الكاف-: إناء صغير، من جلد، مستدير، يُجعل فيه السمن غالبًا،
والعسل، وفي رواية مبارك بن فَضالة: "فقال: هل من سَمْن؟ فقال أبو طلحة:
قد كان في العُكّة سَمْن، فجاء بها، فجعلا يعصرانها، حتى خرج، ثم مسح
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - به سبابته، ثم مسح القرص، فانتفخ، وقال: بسم الله، فلم يزل
يصنع ذلك، والقرص ينتفخ، حتى رأيت القرص في الجفنة يتميّع"، وفي رواية
سعد بن سعيد: "فمسَّها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ودعا فيها بالبركة"، وفي رواية
النضر بن أنس: "فجئت بها، ففتح رباطها، ثم قال: بسم الله، اللهم أَعْظِم
فيها البركة"، وعُرف بهذا المرادُ بقوله: "وقال فيها ما شاء الله أن يقول".
(ثُمَّ قَالَ فِيهِ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَقُولَ) قد تبيّن آنفًا الدعاء الذي
قاله - صلى الله عليه وسلم -، فتنبّه. (ثُمَّ قَالَ) - صلى الله عليه وسلم - ("ائْذَنْ لِعَشَرَةٍ") ظاهره أنه - صلى الله عليه وسلم - دخل منزل أبى