بقولها: "الله ورسوله أعلم" قولٌ أخرجه النظر إلى إمكان خرق العادة، ورجاء
بركة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كالذي كان. انتهى (?).
(قَالَ: فَانْطَلَقَ أَبُو طَلْحَةَ، حَتَّى لَقِيَ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -)، وفي رواية مبارك بن
فَضالة: "فاستقبله أبو طلحة، فقال: يا رسول الله ما عندنا إلا قُرص عملته أم
سليم"، وفي رواية سعد بن سعيد: "فقال أبو طلحة: إنما صنعت لك شيئًا"،
ونحوه في رواية ابن سيرين، وفي رواية عمرو بن عبد الله: "فقال أبو طلحة:
إنما هو قرص، فقال: إن الله سيبارك فيه"، ونحوه في رواية عمرو بن يحيى
المازنيّ، وفي رواية يعقوب: "فقال أبو طلحة: يا رسول الله، إنما أرسلت أنسًا
يدعوك وحدك، ولم يكن عندنا ما يُشبع من أرى، فقال: ادخل، فإن الله
سيبارك فيما عندك"، وفي رواية النضر بن أنس، عن أبيه: "فدخلت على أم
سليم، وأنا مندهش"، وفي رواية عبد الرحمن بن أبي ليلى: "أن أبا طلحة
قال: يا أنس فَضَحْتَنا"، وللطبرانيّ في "الأوسط": "فجعل يرميني
بالحجارة" (?).
(فَأَقْبَلَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مَعَهُ، حَتَّى دَخَلَا) بيت أم سليم، (فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "هَلُمِّى مَا عِنْدَكِ يَا أُمَّ سُلَيْمٍ") معنى "هَلُمّي"؛ أي: أحضري، قال في "الفتح": كذا لأبي ذرّ عن الكشميهنيّ، ولغيره: "هَلُمَّ"، وهي لغة حجازية، "هَلُمّ" عندهم
لا يؤنث، ولا يُثنى، ولا يُجمع"، ومنه قوله تعالى: {وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ
إِلَيْنَا} [الأحزاب: 18]، والمراد بذلك: طَلَبُ ما عندها. انتهى (?).
[فائدة]: قال الفيّوميّ رحمه اللهُ: "هَلُمَّ": كلمةٌ بمعنى الدعاء إلى الشيء، كما
يقال: تعال، قال الخليل: أصله: لُمَّ من الضمِّ، والجمعِ، ومنه: لمّ الله شَعَثَهُ،
وكأن المنادى أراد: لُمَّ نفسَك إلينا، و"هَا" للتّنبيه، وحذفت الألف؛ تخفيفًا؛
لكثرة الاستعمال، وجُعلا اسمًا واحدًا، وقيل: أصلها: "هَلْ أُمَّ"؛ أي: قُصِد،
فنُقلت حركة الهمزة إلى اللام، وسقطت، ثم جُعلا كلمة واحدة للدعاء.