حتى لا يسمع الناس، قال النوويّ رحمه الله: فيه جواز المساررة بالحاجة بحضرة
الجماعة، وإنما نُهِي أن يتناجى اثنان دون الثالث، كما سنوضحه في موضعه
- إن شاء الله تعالى-.
(فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّا قَدْ ذَبَحْنَا بُهَيْمَةً لَنَا، وَطَحَنَتْ) امرأتي (صَاعًا مِنْ
شَعِيرٍ، كَانَ) ذلك الصاع من الشعير (عِنْدَنَا، فَتَعَالَ) أمرُ تعالى يتعالى، بمعنى
أقبِلْ، وقوله: (أَنْتَ) تأكيد للضمير المستتر في "تعال"، (فِي نَفَرٍ)؛ أي: في
جملة جماعة (مَعَكَ) وفي بعض النسخ: "ونفرٌ معك"، (فَصَاحَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -)؛
أي: نادى رافعًا صوته (وَقَالَ: أيَا أَهْلَ الْخَنْدَقِ إِنَّ جَابِرًا قَدْ صَنَعَ لَكُمْ سُورًا)
- بضم السين، وإسكان الواو، غير مهموز-، وهو الطعام الذي يُدْعَى إليه،
وقيل: الطعام مطلقًا، وهي لفظة فارسية، وقد تظاهرت أحاديث صحيحة بأن
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تكلّم بألفاظ غير العربية، فيدلّ على جوازه، قاله النوويّ رحمه الله (?).
وقال في "العمدة": قوله: "سُورًا" بضم السين المهملة، وسكون الواو
بغير همز، ومعناه الصنيع بالحبشية، وقيل: معناه العرس بالفارسية، ويُطلق
أيضًا على البناء الذي يخيط بالمدينة، وأما السؤر بالهمزة، فهو البقية، والذي
يُحفظ أنه - صلى الله عليه وسلم - مما تكلم به من الأعجمية هذه اللفظة، وقوله للحسن - رضي الله عنه -:
"كِخْ"، ولعبد الرحمن بن عوف: "مَهْيَم؟ "؛ أي: ما هذا؟ ولأم خالد: "سَنَا
سَنَا"؛ يعني: حسنة، وذكر ابن فارس أن معنى مهيم: ما حالك، وما شأنك؟ ،
ولم يذكر أنها أعجمية، وقال الهرويّ: إنها كلمة يمانية. انتهى (?).
(فَحَيَّهَلَا بِكُمْ")؛ أي: أقبلوا، وهلُمّوا، وقال النوويّ رحمه الله: هو: بتنوين
"هَلًا"، وقيل: بلا تنوين، على وزن علا، ويقال: حَيَّ هَلْ، فمعناه: عليك
بكذا، أو ادع بكذا، قاله أبو عبيد وغيره، وقيل: معناه: أعجل به، وقال
الهرويّ: معناه: هاتِ، وعَجِّلْ به. انتهى (?).
وقال في "العمدة": قوله: "فحَيّ هلا بكم" هي كلمة استدعاء، فيها
حَثّ؛ أي: هَلُمُّوا مسرعين، ومنه "حيّ على الصلاة" بمعنى هلُمّوا، وفيها