الأعرابيّ لَمْ يكن له علم بالشريعة، فاستألفه بترك استئذانه، بخلاف الغلام،
قاله في "الفتح" (?).
وقال في "الفتح" أيضًا في موضع آخر ما حاصله: من زَعَم أن اسم هذا
الأعرابي خالد بن الوليد، فقد وَهِمَ، ووقع عند الطبرانيّ من حديث عبد الله بن
أبي حبيبة قال: "أتانا رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في مسجد قباء، فجئت، فجلست عن
يمينه، وجلس أبو بكر عن يساره، ثم دعا بشراب، فشرب، وناولني عن
يمينه"، وأخرجه أحمد، لكن لَمْ يسمّ الصحابيّ، قال: ولا يمكن تفسير المبهَم
في حديث أنس به أيضًا؛ لأنَّ هذه القصة كانت بقُباء، وتلك في دار أنس
أيضًا، فهو أنصاريّ، ولا يقال له: أعرابيّ، كما استُبْعِد ذلك في حقّ خالد بن
الوليد. انتهى (?).
قال الجامع عفا الله عنه: قد تبيّن بما ذُكر أنه لَمْ يُعرف اسم الأعرابيّ
المذكور في حديث أنس - رضي الله عنه - هذا، فتنبّه، والله تعالى أعلم.
(وَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "الأَيْمَنَ، فَالأَيْمَنَ") بالنصب، على تقدير: قدِّموا،
أو أعطوا الأيمن، أو بالرفع؛ أي: الأيمن مقدّم، وفي رواية أبي طُوالة التالية:
"الأيمنون، الأيمنون، الأيمنون"، وهذه الرواية ترجّح الرفع على النصب في
قوله هنا: "الأيمنُ، فالأيمنُ"، وفي رواية البخاريّ: "الأيمنون، الأيمنون، إلا
فَيَمِّنوا".
قال في "الفتح": قوله: "الأيمنون الأيمنون" فيه تقدير مبتدأ مضمر؛ أي:
المقدَّم الأيمنون، والثانية للتأكيد، وقوله: "ألا فَيَمِّنوا" كذا وقع بصيغة
الاستفتاح، والأمر بالتيامن، قال: وتوجيهه أنه لمّا بَيّن أن الأيمن يقدَّم، ثم
أكّده بإعادته، أَكْمَل ذلك بصريح الأمر به، ويُستفاد من حذف المفعول التعميم
في جميع الأشياء؛ لقول عائشة - رضي الله عنها -: "كان يعجبه التيمن في شأنه كله".
انتهى (?).