شرح الحديث:
(عَنْ أنَسٍ) وفي رواية البخاريّ من طريق يونس عن الزهريّ، قال:
أخبرني أنس بن مالك -رضي الله عنه- (قَالَ: قَدِمَ) بكسر الدال، كعَلِم يَعْلَمُ، (النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-
الْمَدِينَةَ، وَأنَا ابْنُ عَشْرٍ) جملة في محلّ نصب على الحال، (وَمَاتَ) -صلى الله عليه وسلم- (وَأنَا
ابْنُ عِشْرِينَ، وَكُنَّ أمَّهَاتِي) قال النوويّ -رحمه الله-: المراد بأمهاته: أمه أم سُليم،
وخالته أم حرام، وغيرهما، من محارمه، فاستَعْمَل لفظ الأمهات في حقيقته
ومجازه، وهذا على مذهب الشافعيّ -رحمه الله-، والقاضي أبي بكر الباقلانيّ،
وغيرهما، ممن يجوّز إطلاق اللفظ الواحد على حقيقته ومجازه. انتهى (?).
وقوله أيضًا: (وَكُنَّ أمَّهَاتِي) قال النوويّ -رحمه الله-: هذا على لغة "أكلوني
البراغيث"؛ وهي لغة صحيحة، وإن كانت قليلة الاستعمال، وقد تقدّم إيضاحها
عند قوله -صلى الله عليه وسلم-: "يتعاقبون فيكم ملائكة"، ونظائره. انتهى (?).
قال الجامع عفا الله عنه: اللغة الفصحى تجريد الفعل عن علامة التثنية
والجمع، وقد أشار ابن مالك -رحمه الله- إلى اللغتين في "خلاصته"، فقال:
وَجَرِّدِ الْفِعْلَ إِذَا مَا أُسْنِدَا ... لاثْنَيْنِ أَوْ جَمْعٍ كـ "فَازَ الشُّهَدَا"
وَقَدْ يُقَالُ "سَعِدَا"، و"سَعِدُوا" ... وَالْفِعْلُ لِلظَّاهِرِ بَعْدُ مُسْنَدُ
وقال الحريريّ في "مُلحته":
وَوَحِّدِ الْفِعْلَ مَعَ الْجَمَاعَهْ ... كَقَوْلِهِمْ "سَارَ الرِّجَالُ السَّاعَهْ"
وَإِنْ تَشَأ فَزِدْ عَلَيْهِ التَاءَ ... نَحْوُ "اشْتَكَتْ عُرَاتُنَا الشِّتَاءَ"
(يَحْثُثْنَنِي) من باب نصر؛ أي: يُحرّضنني، قال الفيّوميّ -رحمه الله-: حَثثت
الإنسان على الشيء حثًّا، من باب قَتَلَ، وحرّضته عليه بمعنى، وذَهَب حثيثًا؛
أي: مسرعًا، وحثثتُ الفرسَ على الْعَدْو: صِحْتُ به، أو وَكَزته برجل، أو
ضرب، واستحثثته ذلك. انتهى (?).
وقال القرطبيّ -رحمه الله-: حَثّ، وحضّ، ورغّب بمعنى واحد (?).
(عَلَى خِدْمَتِهِ) -صلى الله عليه وسلم- (فَدَخَلَ) -صلى الله عليه وسلم- (عَلَيْنَا دَارَنَا) وفي الرواية التالية: "أتانا