قال الجامع عفا الله عنه: قد تبيّن بما سبق من ذكر الأقوال، وأدلتها في
هذه المسألة أن الأرجح قول من قال بوجوب الأكل باليمين، وتحريمه
بالشمال؛ لقوّة أدلّة ذلك، فإن الأحاديث بعضها بصيغة الأمر، وبعضها بصيغة
النهي، والأول للوجوب، والثاني للتحريم، ومما يؤكّد ذلك دعاؤه -صلى الله عليه وسلم- على
ذلك الرجل بقوله: "لا استطعتَ"، واستجيبت دعوته، فما رفع يده بعدُ، فمثل
هذا الدعاء لا يكون إلا لترك واجب، أو ارتكاب محرّم، فتبصّر بالإنصاف،
والله تعالى أعلم.
وبالسند المتَّصل الى المؤلّف رحمهُ اللهُ أوّل الكتاب قال:
[5254] (2020) - (حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ
نُمَيْرٍ، وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، وَابْنُ أَبِي عُمَرَ -وَاللَّفْظُ لِابْنِ نُمَيْرٍ- قَالُوا: حَدَّثَنَا
سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أبِي بَكْرِ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عمَرَ، عَنْ جَدِّهِ
ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "إِذَا أَكَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَأْكُلْ بِيَمِينِهِ، وَإِذَا شَرِبَ
فَلْيَشْرَبْ بِيَمِينِهِ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَأْكُلُ بِشِمَالِهِ، وَيَشْرَبُ بِشِمَالِهِ").
رجال هذا الإسناد: ثمانية:
1 - (ابْنُ أَبِي عُمَرَ) هو: محمد بن يحيى بن أبي عُمر الْعَدَنيّ، ثم
المكيّ، صدوقٌ [10] (ت 242) (م ت س ق) تقدم في "المقدمة" 5/ 31.
2 - (أَبُو بَكْرِ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ) بن الخطّاب المدنيّ،
ثقةٌ [4].
رَوَى عن جدّه، وعمّه سالم، وروى عنه قريبه عمر بن محمد بن زيد بن
عبد الله بن عُمر، والزهريّ.
قال أبو زرعة: مدنيّ ثقةٌ، قليل الحديث، قال خليفة: مات في زمن
مروان بن محمد.
أخرج له المصنّف، وأبو داود، والترمذيّ، والنسائيّ، وليس له في هذا
الكتاب إلا هذا الحديث.
والباقون كلّهم تقدّموا في الباب الماضي، وشرح الحديث واضحٌ، يُعلم
مما سبق.