الحافظ في "الفتح"، فقال: وفي نقل الإجماع على الاستحباب نظرٌ، إلا إن
أُريدَ بالاستحباب أنه راجح الفعل، وإلا فقد ذهب جماعة إلى وجوب ذلك،
وهو قضية القول بإيجاب الأكل باليمين؛ لأن صيغة الأمر بالجميع واحدة.
انتهى (?).
قال الجامع: عندي أن القول بالوجوب هو الظاهر؛ لظهور حجته، والله
تعالى أعلم.
قال: وكذا يُستحب حَمْد الله تعالى في آخره، كما سيأتي في موضعه -إن
شاء الله تعالى- وكذا تستحب التسمية في أول الشراب، بل في أول كل أمر
ذي بال، كما ذكرنا قريبًا.
قال العلماء: ويستحب أن يجهر بالتسمية؛ ليُسْمِع غيره، وينبّهه عليها،
ولو تَرَك التسمية في أول الطعام عامدًا، أو ناسيًا، أو جاهلًا، أو مكرهًا، أو
عاجزًا لعارض آخر، ثم تمكّن في أثناء أكله منها يستحب أن يُسَمِّي، ويقول:
بسم الله أوله وآخره؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "إذا أكل أحدكم، فليذكر اسم الله، فإن نسي
أن يذكر الله في أوله، فليقل: بسم الله أوله وآخره"، رواه أبو داود، والترمذيّ،
وغيرهما، قال الترمذيّ: حديث حسن صحيح.
والتسميةُ في شرب الماء، واللبن، والعسل، والمرق، والدواء، وسائر
المشروبات كالتسمية على الطعام في كل ما ذكرناه، وتحصل التسمية بقوله:
"بسم الله"، فإن قال: "بسم الله الرحمن الرحيم" كان حسنًا.
قال الجامع عفا الله عنه: قوله: "فان قال: بسم الله الرحمن الرحيم كان
حسنًا"، فيه نظر؛ فان الذي ثبت عنه -صلى الله عليه وسلم- قوله: "فليقل: باسم الله"، فهذا هو
الأحسن، وسيأتي اعتراض الحافظ عليه قريبًا.
قال: وسواء في استحباب التسمية الجُنُب، والحائض، وغيرهما، وينبغي
أن يُسمي كلُّ واحد من الآكلين، فإن سمى واحد منهم حصل أصل السُّنَّة، نَصَّ
عليه الشافعيّ، ويُستدل له بأن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- أخبر أن الشيطان إنما يتمكن من
الطعام إذا لم يُذكر اسم الله تعالى عليه، ولأن المقصود يحصل بواحد، ويؤيده