أنه من خماسيّات المصنّف - رَحِمَهُ اللهُ -، وأنه مسلسل بثقات المدنيين، غير
شيخه، فنيسابوريّ، وقد دخل المدينة للأخذ عن مالك، وفيه رواية تابعيّ، عن
تابعيّ، وفيه أحد الفقهاء السبعة على بعض الأقوال، وهو أبو سلمة، وفيه
عائشة - رضي الله عنها - من المكثرين السبعة، روت من الحديث (2210)، والله تعالى أعلم.
شرح الحديث:
(عَنْ عَائِشَةَ) أم المؤمنين - رضي الله عنها - أنَّها (قَالَتْ: سُئِلَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنِ الْبِتْعِ)
بكسر الموحّدة، وسكون المثناة، وقد تُفتح، وهي لغة يمانية. قاله في "الفتح"،
وقال النوويّ: هو بباء موحّدة مكسورة، ثم مثناة فوقُ ساكنة، ثم عين مهملة،
وهو نبيذ العسل، وهو شراب أهل اليمن، قال الجوهريّ: ويقال أيضًا: بفتح
التاء المثنّاة، كقِمْعٍ، وقَمَعٍ. انتهى.
زاد في روائة البخاري: "وهو نبيذ العسل، وكان أهل اليمن يشربونه"،
قال في "الفتح": وظاهره أن التفسير من كلام عائشة - رضي الله عنها -، وَيحْتَمِل أن يكون
من كلام مَنْ دونها، ووقع في رواية معمر، عن الزهري، عند أحمد مثل رواية
مالك، لكن قال في آخره: "والبتع نبيذ العسل"، وهو أظهر في احتمال
الإدراج؛ لأنه أكثر ما يقع في آخر الحديث، وقد أخرجه مسلم من طريق
معمر، لكن لَمْ يَسُقْ لفظه. انتهى.
قال الحافظ - رَحِمَهُ اللهَ -: ولم أقف على اسم السائل، في حديث عائشة - رضي الله عنها -
صريحًا، لكنني أظنه أبا موسى الأشعريّ - رضي الله عنه -، ففي رواية مسلم الآتية عن أبي
بردة، عن أبيه قال: فقلت: يا رسول الله، أفتنا في شرابين، كنا نصنعهما
باليمن: الْبتْع من العسل، يُنبَذ حتى يَشتدّ، والمزر من الشعير والذرة يُنبذ حتى
يشتدّ؟ قالَ: وكان النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أُعطي جوامع الكلم بخواتمه، فقال: "أنهى عن
كلّ مسكر أسكر عن الصلاة". انتهى.
قال: وفي رواية أبي داود، التصريح بأن تفسير البتع مرفوع، ولفظه:
سألت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن شراب من العسل؟ فقال: "ذاك البتع"، قلت: ومن
الشعير، والذرة؛ قال: "ذاك الْمِزْر"، ثم قال: "أَخبِرْ قومك أن كلّ مسكر
حرام"، وقد سأل أبو وهب الجيشانيّ، عن شيء مما سأله أبو موسي، فعند
الشافعيّ، وأبي داود، من حديثه، أنه سأل النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن المزر؟ فأجاب بقوله:
"كلّ مسكر حرام".