استنقعت في بطن الوادي"، والتمسّك بعموم الأمر باجتنابها كافٍ في القول

بنجاستها. انتهى (?).

قال الجامع عفا الله عنه: القول بنجاسة الخمر محلّ نظر، سيأتي تحقيقه

قريبًا- إن شاء الله تعالى-.

قال أنس: (فَقَالَ لِي أَبُو طَلْحَةَ: اخْرُجْ، فَأَهْرِقْهَا) أصله فَأَرِقْها، فالهاء

زائدة، وقوله: (فَهَرَقْتُهَا) أصله أيضًا أرقتها، فأُبدلت الهمزة هاء، قال

الفيّوميّ رحمه الله: رَاقَ الماءُ والدمُ وغيره رَيْقاً، من باب باع: انصبّ، ويتعدى

بالهمزة، فيقال: أَرَاقَهُ صاحبه، والفاعل مُرِيق، والمفعول مُرَاقٌ، وتبدل الهمزة

هاء، فيقال: هَرَاقَهُ، والأصل هَرْيَقَهُ، وِزانُ دَحْرَجَهُ، ولهذا تُفتح الهاء من

المضارع، فيقال: يُهَرِيقه، كما تُفْتح الدالُ من يُدَحْرجه، وتُفتح من الفاعل،

والمفعول أيضًا، فيقال: مُهَرِيقٌ، ومُهَرَاقٌ، قال امرؤ القيس [من الطويل]:

وَإِنَّ شِفَائِي عَبْرَةٌ مُهَرَاقَةٌ ... فَهْلْ عِنْدَ رَسْمِ دَارِسٍ مِنْ مُعَوَّلٍ

والأمر: هَرِقْ ماءك، والأصل: هَرْيِقْ وزانُ دَحْرِج، وقد يُجمع بين الهاء

والهمزة، فيقال: أَهْرَاقَة يُهْرِيقُهُ ساكن الهاء؛ تشبيهًا له بأَسْطَاع يُسْطيع، كأن

الهمزة زيدت عوضًا عن حركة الياء في الأصل، ولهذا لا يصير الفعل بهذه

الزيادة خماسيًّا، ودعا بذَنُوب، فَأُهْرِقَ ساكن الهاء، وفي "التهذيب": من قال:

أَهْرَقْتُ فهو خطأ في القياس، ومنهم من يجعل الهاء كأنها أصل، ويقول:

هَرَقْتُهُ هَرْقًا، من باب نفع، وفي الحديث: "إِنَّ امْرَأَةً كَانَتْ تُهْرَاقُ الدِّمَاءَ" بالبناء

للمفعول، والدماءَ نُصِب على التمييز، ويجوز الرفع على إسناد الفعل إليها،

والأصل: تُهْرَاقُ دماؤها، لكن جُعلت الألف واللام بدلًا عن الإضافة، كقوله

تعالى: {عُقْدَةَ النِّكَاحِ} [البقرة: 235]؛ أي: نكاحها. انتهى (?).

وهذا البحث بكامله قد تقدّم في "كتاب الطهارة"، وإنما أعدته؛ لطول

العهد به، فتنبَّه، وبالله تعالى التوفيق.

ووقع في رواية بلفظ: "فَأَرِقْها"، ورواية: "فقا لوا: أَرِق هذه القلال يا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015