الْبَيْتِ فِي شَرْب مِنَ الأنْصَارِ، غَنَّتْهُ قَيْنَةٌ وَأَصْحَابَهُ، فَقَالَتْ فِي غِنَائِهَا:
أَلايَاحَمْزَ لِلشُّرُفِ النِّوَاءِ
فَقَامَ حَمْزَةُ بِالسَّيْفِ، فَاجْتَبَّ أَسْنِمَتَهُمَا، وَبَقَرَ خَوَاصِرَهُمَا، فَأَخَذَ مِنْ
كبَادِهِمَا، قَالَ عَلِىٌّ: فَانْطَلَقْتُ حَتَّى أَدْخُلَ عَلَى رَسُول اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، وَعِنْدَهُ زيدُ بْنُ
حَارِثَةَ، قَالَ: فَعَرَفَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فِي وَجْهِيَ الَّذِي لَقِيتُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -
صلى الله عليه وسلم-:
"مَا لَكَ؟ "، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ وَاللهِ مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ قَط، عَدَا حَمْزَةُ عَلَى نَاقَتَيَّ،
فَاْجْتَبَّ أَسْنِمَتَهُمَا، وَبَقَرَ خَوَاصِرَهُمَا، وَهَا هُوَ ذَا فِي بَيْتٍ، مَعَهُ شَرْبٌ، قَالَ: فَدَعَا
رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم- بِرِدَائِهِ، فَارْتَدَاهُ، ثُمَّ انْطَلَقَ يَمْشِي، وَاتَبُعْنُهُ أَنَا وَزيدُ بْنُ حَارِثَةَ، حَتى
جَاءَ الْبَابَ الَّذِي فِيهِ حَمْزَةُ، فَاسْتَأَذَنَ، فَأَذِنُوا لَهُ، فَإِذَا هُمْ شَرْب، فَطَفِقَ
رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يَلُومُ حَمْزَةَ فِيمَا فَعَلَ، فَإِذَا حَمْزَةُ (?) مُحْمَرَّة عَيْنَاهُ، فَنَظَرَ حَمْزَةُ إِلَى
رَسُول اللهِ -صلى الله عليه وسلم- ثُمَّ صَعَّدَ الَّنظَرَ اِلَى رُكْبَتَيْهِ، ثُمَّ صَعَّدَ النَّظَرَ، فَنَظَرَ إِلَى سُرَّتِهِ، ثُمَّ
صَعَّدَ النَّظَرَ، فَنَظَرَ إِلَى وَجْهِهِ، فَقَالَ حَمْزَةُ: وَهَلْ أْنتُمْ إِلا عَبِيدٌ لأَبِي؟ فَعَرَفَ
رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ ثَمِل، فَنَكَصَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- عَلَى عَقِبَيْهِ الْقَهْقَرَى، وَخَرَجَ،
وَخَرَجْنَا مَعَهُ).
رجال هذا الإسناد: ثمانية:
1 - (أَبُو بَكْرِ بْنُ اِسْحَاقَ) محمد بن إسحاق بن جعفر الصغانيّ، نزيل
بغداد، ثقةٌ ثبتٌ [11] (ت 270) (م 4) تقدم في "الإيمان " 4/ 116.
2 - (سَعِيدُ بْنُ كَثِيرِ بْنِ عُفَيْرٍ أَبُو عُثْمَانَ الْمِصْرِيُّ) هو: سعيد بن كثير بن
عُفير بن مسلم بن يزيد بن الأسود الأنصاريّ مولاهم، أبو عثمان المصريّ،
وقد يُنسب إلى جدّه، صدوقٌ عالم بالأنساب وغيرها [10].
رَوَى عن الليث، ومالك، وسليمان بن بلال، وكهمس بن المنهال،
وخاله المغيرة بن الحسن الهاشميّ، ويحى بن أيوب الغافقيّ، وغيرهم.
وروى عنه البخاريّ، وروى له هو في "الأدب"، ومسلم، وأبو داود في