ذلك، لا إثم عليه في شيء منه، أما أصل الشُّرْب والسُّكْر، فكان مباحًا؛ لأنه

قبل تحريم الخمر.

وأما ما قد يقوله بعض مَن لا تحصيل له: إن السكر لم يزل محرمًا،

فباطل، لا أصل له، ولا يُعرف أصلًا، وأما باقي الأمور فجرت منه في حال

عدم التكليف، فلا إثم عليه فيها، كمن شَرِب دواءً لحاجة، فزال به عقله، أو

شرب شيئًا يظنه خَلّا، فكان خمراً، أو أُكره على شرب الخمر، فشربها، وسَكِر

فهو في حال السكر غير مكلَّف، ولا إثم عليه فيما يقع منه في تلك الحال، بلا

خلاف.

وأما غرامة ما أتلفه فيجب في ماله، فلعل عليًّا -رضي الله عنه- أبرأه من ذلك بعد

معرفته بقيمة ما أتلفه، أو أنه أدّاه إليه حمزة بعد ذلك، أو أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- أدّاه عنه

لِحُرْمته عنده، وكمال حقّه ومحبته إياه، وقرابته، وقد جاء في كتاب عُمَر بن

شَبّة، من رواية أبي بكر بن عياش: أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم غَرَّم حمزة الناقتين، وقد

أجمع العلماء أن ما أتلفه السكران من الأموال يلزمه ضمانه، كالمجنون، فإن

الضمان لا يُشترط فيه التكليف، ولهذا أوجب الله تعالى في كتابه في قتل الخطأ

الدية، وا لكفا رة.

وأما هذا السنام المقطوع فإن لم يكن تقدَّم نَحْرُهما فهو حرام بإجماع

المسلمين؛ لأن ما أُبين من الحيّ فهو ميت، وفيه حديث مشهور في كتب

"السنن".

ويَحْتَمِل أنه ذكّاهما، ويدل عليه الشِّعر الذي قدّمناه، فإن كان ذكّاهما

فلحمهما حلال باتفاق العلماء، إلا ما حُكِي عن عكرمة، وإسحاق، وداود أنه

لا يحلّ ما ذبحه سارق، أو غاصب، أو متعدّ، والصواب الذي عليه الجمهور

حِلّه، وإن لم يكن ذكّاهما، وثبت أنه أكل منهما، فهو أكل في حالة السكر

المباح، ولا إثم فيه، كما سبق، والله أعلم. انتهى كلام النوويّ رحمه الله (?)، وهو

بحث حسنٌ جدًّا، والله تعالى أعلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015