عمرة، كما بيّنه مسلم بقوله: (قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ) ابن محمد بن عمرو
المذكور في السند (فَذَكَرْتُ ذَلِكَ)؛ أي: حديث عبد الله بن واقد (لِعَمْرَةَ) بنت
عبد الرحمن الأنصاريّة، (فَقَالَتْ: صَدَقَ) عبد الله بن واقد فيما حدّث به، ثم
ذكر دليل تصديقها له، فقالت: (سَمِعْتُ عَائِشَةَ) أمّ المؤمنين - رضي الله عنها - (تَقُولُ: دَفَّ
أَهْلُ أَبْيَاتٍ) قال النوويّ: قال أهل اللغة: الدافّة بتشديد الفاء: قوم يسيرون
جميعًا سيرًا خفيفًا، ودَفّ يَدِفّ بكسر الدال، ودافّة الأعراب: مَن يَرِدُ منهم
المصرَ، والمراد هنا: مَن وَرَد من ضعفاء الأعراب للمواساة. انتهى (?).
وقال ابن عبد البرّ: معناه عند أهل اللغة: أتونا، وأصله عندهم مِنْ دَفَّفَ
الطائرُ: إذا حرّك جناحيه، ورجلاه في الأرض، يقال في ذلك: دَفّ الطائر
يَدِفّ دَفِيفًا، وقال الخليل: والدافّة: قوم يدُفّون؛ أي: يسيرون سيرًا لينًا،
وتدافّ القومُ: إذا ركب بعضهم بعضًا، في قتال، أو نحوه. انتهى (?).
وقال القرطبىّ: الدَّفِيف: الدبيب، وهو السير الخفيّ اللَّين، والدَّافة:
الجيش الذين يدِبّون إلى أعدائهم، وكان هؤلاء ناسٌ ضعفاء، فجاؤوا دابين؛
لِضَعفهم من الحاجة والجوع. انتهى (?).
وقال ابن الأثير رحمه اللهُ: الدّافّة: القوم يسيرون سيرًا ليس بالشديد، يقال:
هم يدفّون دفيفًا، والدافّة: قومٌ من الأعراب، يَرِدون المصر، يُريد أنهم قوم
قَدِموا المدينة عند الأضحى، فنهاهم عن ادّخار لحوم الأضاحي، ليفرّقوها،
ويتصدّقوا بها، فينتفع أولئك القادمون بها. انتهى (?).
(مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ)؛ أي: من الأعراب الذين يسكنون البادية، وهو خلاف
الحاضرة، وهو متعلِّق بصفة لـ"أهل أبيات"، (حِضْرَةَ الأَضْحَى) قال القرطبيّ:
الرواية المعروفة بسكون الضاد، وهو منصوب على الظرف؛ أي: زمن حضور
الأضحى، ومشاهدته، وقيَّده بعضهم: حَضَرَة -بفتح الضاد- وفي "الصحاح"
يقال: كلَّمته بَحضْرة فلان، وبمحضر من فلان؛ أي: بمشهد منه، وحَكَى
يعقوب: كلَّمته بحَضَر فلان -بالتحريك من غير هاء- وكلَّمته بِحَضْرة فلان،