وقال ابن قُدامة - رحمه الله - في "المغني": المعراض عُود محدّد، وربما جُعل في رأسه حديدة، قال أحمد: المعراض يشبه السهم، يُحذف به الصيد، فربما أصاب الصيد بحدّه، فخرق، وقتل، فيباح، وربما أصاب بعَرْضه، فقتل بثقله، فيكون موقوذًا، فلا يباح، وهذا قول عليّ، وعثمان، وعمّار، وابن عباس، وبه قال النخعيّ، والحكم، ومالك، والثوريّ، والشافعيّ، وأبو حنيفة، وإسحاق، وأبو ثور.

وقال الأوزاعيّ، وأهل الشام: يباح ما قتله بحدّه وعَرْضه، وقال ابن عمر: ما رُمي من الصيد بجلاهق، أو مِعراض، فهو من الموقوذة، وبه قال الحسن.

واحتجّ ابن قُدامة للجمهور بحديث عديّ بن حاتم - رضي الله عنه - المذكور هنا، فإنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما خَزَق فكل، وما قتل بعرضه فهو وقيذ فلا تأكل"، متفق عليه، وهذا نصّ (?) يردّ على أهل الشام، والله تعالى أعلم.

[تنبيه]: قال الشوكانيّ - رحمه الله - في "تفسيره": وأما البنادق المعروفة الآن، وهي بنادق الحديد التي تجعل فيها البارود والرصاص، ويُرمى بها، فلم يتكلم عليها أهل العلم؛ لتأخّر حدوثها، فإنها لم تصل إلى الديار اليمنية إلا في المائة العاشرة من الهجرة، وقد سألني جماعة من أهل العلم عن الصيد بها إذا مات، ولم يتمكن الصائد من تذكيته حيًا؟ والذي يظهر لي أنه حلال؛ لأنها تخرق وتدخل في الغالب من جانب منه وتخرج من الجانب الآخر، وقد قال - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح السابق: "إذا رميت بالمعراض فخزَق فكله"، فاعتبر الخزق في تحليل الصيد. انتهى كلام الشوكانيّ - رحمه الله - (?).

وقال العلامة الصنعانيّ - رحمه الله -: وأما البنادق المعروفة الآن فإنها ترمي بالرصاص، فيخرج، وقد صيرته نار البارود كالميل فيقتل بحدّه، لا بصدمه فالظاهر حِلّ ما قتلته. انتهى (?).

قال الجامع عفا الله عنه: ما قاله الشوكانيّ والصنعانيّ - رحمهما الله تعالى -

طور بواسطة نورين ميديا © 2015