وإيجاب النار فيها على حكم الكبائر إلا أن يشاء الله تعالى أن يعفو عن ذلك لمن يشاء، وتحريمُ الجنّة عند دخول السابقين لها، والمتّقين، وأصحاب اليمين، ثمّ لا بُدّ لكلّ موحّد من دخولها إما بعد وقوف وحساب، أو بعد نَكَال وعذاب.
وتخصيصه هنا المسلم؛ إذ هم المخاطبون، وعامّة المتعاملين في الشريعة، لا أن غير المسلم بخلافه، بل حكمه حكمه في ذلك. انتهى كلام القاضيرحمه الله (?).
(فَقَالَ لَهُ) أي للنبيّ - صلى الله عليه وسلم - (رَجُلٌ: وَإنْ كَانَ شَيْئًا يَسِيرًا يَا رَسُولَ اللهِ؟ )؛ أي: وإن كان الحقّ المقتطع شيئًا قليلًا من المال، (قَالَ) - صلى الله عليه وسلم - ("وَإِنْ قَضِيبًا مِنْ أَرَاكٍ") بنصب "قضيبًا" على أنه خبر لـ"كان" المحذوفة مع اسمها، على حدّ قول الشاعر [من البسيط]:
قَدْ قِيلَ مَا قِيلَ إِنْ صِدْقًا وَإِنْ كَذِبًا ... فَمَا اعْتِذَارُكَ مِنْ قَوْلٍ إِذَا قِيلَا
وهذا الحذف كثير بعد "إن"، و"لو"، كما قال في "الخلاصة":
وَيَحْذِفُونَهَا وَيُبْقُونَ الخَبَرْ ... وَبَعْدَ "إِنْ" وَ"لَوْ" كَثِيرًا ذَا اشْتَهَرْ
واسم "كان" ضمير يعود إلى حقّ امرئ، ويحتمل أن يعود إلى "شيئًا يسيرًا"، ويحتمل أن يكون نصبه على أنه مفعول لفعل محذوف، أي: وإن اقتطع قضيبًا.
ووقع في بعض النسخ: "وإن قضيب" بالرفع، قال النوويّ: هكذا هو بالرفع في بعض الأصول، أو أكثرها، وفي كثير منها، فيكون مرفوعًا على أنه اسم "كان" المحذوفة، مع خبرها، وهو قليلٌ، أو نائب فاعل لفعل محذوف، تقديره: وإن اقتُطِعَ قضيبٌ.
و"القَضيب" - بفتح، فكسر فَعِيل بمعنى مفعول -: الغُصْنُ المقطوع، والجَمْعُ قُضْبَان، بضمّ القاف وتُكسر، يقال: قَضَبْتُ الشئَ قَضْبًا، من باب ضَرَبَ، فانقضب: إذا قطعته، فانقطع، واقتضبته مثل اقتطعته وزنًا ومعنًى (?).