وقال السنديّ: الْمَنشَطُ، والْمَكْره: مَفْعلٌ بفتح الميم والعين، من النشاط، والكراهة، وهما مصدران؛ أي: في حالة النشاط والكراهة؛ أي: حالة انشراح صدورنا، وطيب قلوبنا، وما يُضادّ ذلك، أو اسما زمان، والمعنى واضح، أو اسما مكان؛ أي: فيما فيه نشاطهم، وكراهتهم، كذا قيل، ولا يخفى أن ما ذكره من المعنى على تقدير كونهما اسمَي مكان مجازيّ، وكذا قال بعضهم: كونهما اسمَيْ مكان بعيد. انتهى (?).
(وَعَلَى أَثَرَةٍ عَلَيْنَا) - بفتح الهمزة، والمثلّثة -؛ أي: تفضيل غيرنا علينا في الفيء، أو في غيره. والمراد: أن طواعيتهم لمن يتولّى عليهم لا تتوقّف على إيصالهم حقوقهم إليهم، بل عليهم الطاعة، ولو منعوهم حقّهم.
(وَعَلَى أنْ لَا نُنَازِعَ الْأَمْرَ)؛ أي: وبايعناه أيضًا على أنَّ لا ننازع الأمر؛ أي: الملك والإمارة، أو كلّ الأمور، (أَهْلَهُ) الضمير للأمر؛ أي: إذا وُكل الأمر إلى من هو أهلٌ له، فليس لنا أن نجرّه إلى غيره، سواء كان ذلك الغير أهلًا، أم غير أهل، زاد في رواية أحمد: "وإن رأيت أن لك"؛ أي: وإن اعتقدتَ أن لك في الأمر حقًّا، فلا تعمل بذلك الظنّ، بل اسمع، وأطع إلى أن يَصِل إليك بغير خروج عن الطاعة، وزاد في رواية عند ابن حبّان وأحمد: "وإن أكلوا مالك، وضربوا ظهرك".
(وَأَنْ نَقُولَ) باللام في رواية مسلم، وفي رواية للبخاريّ: "وأن نقوم" بالميم، (بِالْحَقِّ)؛ أي: بإظهاره، وتبليغه للناس (أَيْنَمَا كُنَّا)؛ أي: في موضع وُجدنا، (لا نَخَافُ لَوْمَةَ لَائِمٍ)؛ أي: لا نترك قول الحقّ لأجل خوف ملامة اللائمين علينا.
وقال النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ -: معناه: نأمر بالمعروف، وننهى عن المنكر في كلّ زمان ومكان، الكبار والصغار، لا نُداهن فيه أحدًا، ولا نخافه، ولا نلتفت إلى اللائمين. انتهى (?)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.