للظرف؛ لاعتماده على صاحب الحال، وقوله: (لَهُ رُغَاءٌ) جملة في محلّ رفع صفة لـ"بعير"، والرُّغاء بضمّ الراء، وتخفيف الغين المعجمة، وبالمدّ: صوت البعير، وكذا المذكورات بعدُ، وَصَفَ كلّ شيء بصوته؛ يعني: أن هذه الحالة حالة شنيعة، ولا ينبغي لكم أن أراكم عليها يوم القيامة، وفي حديث عبادة بن الصامت - رضي الله عنه - في "السنن": "إياكم والغلول، فإنه عارٌ على أهله، يوم القيامة".
وقال القرطبيّ: الزغاء للإبل، والثغاء للغنم، والنهيق للحمير، والنعاق للغراب، واليَعَارُ للمعز خاصّةً، ومنه: شاةٌ تَيْعر، والْحَمْحمة للفرس، والصِّيَاح للإنسان، كلّ ذلك أصوات من أضيفت إليه. انتهى (?).
(يَقُولُ: يَا رَسُولَ اللهِ أَغِثْنِي، فَأَقُولُ: لَا أَمْلِكُ لَكَ شَيْئًا)؛ أي: من المغفرة؛ لأنَّ الشفاعة أمرها إلى الله، (قَدْ أبْلَغْتُكَ)؛ أي: فليس لك عُذر بعد الإبلاغ، وكأنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أبرزَ هذا الوعيد في مقام الزجر والتغليظ، وإلا فهو في القيامة صاحب الشفاعة في مذنبي الأمة.
وقال القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ - قوله: "لا أملك لك شيئًا، قد أبلغتك"؛ أي: لا أملك لك مغفرةً، ولا شفاعةً، إلَّا إذا أَذِنَ الله له في الشفاعة، فكأنَّ هذا القول منه أبرزه غضب، وغيظ؛ ألا ترى قوله: "قد أبلغتك"؛ أي: ليس لك عذر بعد الإبلاغ، ثم إنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بما قد جبله الله تعالى عليه من الرأفة، والرَّحمة، والخُلُق الكريم لا يزال يدعو الله تعالى، ويرغب إليه في الشفاعة، حتى يأذن الله له فيها، فيشفع في جميع أهل الكبائر من أمته حتى تقول خزنة النار: "يا محمد! ما تركت لربك في أمتك من نقمة"، كما قد صحّ عنه. انتهى (?).
(لَا أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ) قال الطيبيّ: هو كقوله: لا أرينّك ههنا، نهى نفسه عن أن يجدهم على هذه الحالة، والمراد نهيهم عن ذلك، وهو أبلغ (?). (يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَة، عَلَى رَقَبَتِهِ فَرَسٌ، لَهُ حَمْحَمَةٌ) بمهملتين مفتوحتين، بينهما ميم ساكنة، ثم ميم قبل الهاء، وهو صوت الفرس عند العلف، وهو دون الصهيل. (فَيَقُولُ: يَا رَسُولَ اللهِ أَغِثْنِي، فَأَقُولُ: لَا أَمْلِكُ لَكَ شَيْئًا، قَدْ أَبْلَغْتُكَ، لَا أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ