أن الخلافة مختصة بقريش، لا يجوز عَقْدها لأحد من غيرهم، وعلى هذا انعقد الإجماع في زمن الصحابة - رضي الله عنهم -، فكذلك بعدَهم، ومن خالف فيه من أهل الْبِدَع، أو عَرَّض بخلافٍ من غيرهم، فهو محجوج بإجماع الصحابة والتابعين، فمن بعدَهم بالأحاديث الصحيحة، قال القاضي عياض - رحمه الله -: اشتراط كونه قرشيًّا هو مذهب العلماء كافّة العلماء، قال: وقد احتَجّ به أبو بكر وعمر - رضي الله عنهما - على الأنصار يوم السقيفة، فلم يُنكره أحد، قال القاضي: وقد عَدّها العلماء في مسائل الإجماع، ولم يُنقَل عن أحد من السلف فيها قول، ولا فِعل يخالف ما ذكرنا، وكذلك مَن بعدهم في جميع الأعصار، قال: ولا اعتداد بقول النظّام، ومن وافقه من الخوارج، وأهل البِدَع أنه يجوز كونه من غير قريش، ولا بسخافة ضِرَار بن عمرو في قوله: إن غير القرشيّ من النَّبَط وغيرهم يُقَدَّم على القرشيّ؛ لِهَوانِ خَلْعه إن عَرَض منه أمر، وهذا الذي قاله من باطل القول، وزُخْرفه، مع ما هو عليه من مخالفة إجماع المسلمين، والله أعلم. انتهى (?).
3 - (ومنها): أنه استَدَلّ أصحاب الشافعيّ بهذا الحديث على فضيلة الشافعيّ، وتعقّبه القاضي عياض، فقال: ولا دلالة فيه لهم؛ لأن المراد: تقديم قريش في الخلافة فقط، فتعقّبه النوويّ، فقال: هو حجة في مزيّة قريش على غيرهم، والشافعيّ قرشيّ. انتهى (?).
وقال في "الفتح": واستَدَلّ بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "قَدِّموا قريشًا، ولا تَقَدَّموها"، وبغيره من أحاديث الباب على رُجحان مذهب الشافعيّ؛ لورود الأمر بتقديم القرشيّ على من ليس قرشيًّا، قال عياض: ولا حجة فيها؛ لأن المراد بالأئمة في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "الأئمة من قريش" (?): الخلفاء، وكذلك أمْرُه بالتقديم في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "قدّموا قريشًا، ولا تقدّموها" (?) في الخلافة أيضًا، وإلا فقد قَدَّم