[تنبيه]: سبب قول التابعيّ عند ذكر الصحابيّ: "يبلغ به"، أو "يرويه"، أو "روايةً"، أو نحو ذلك أن يكون نسي الصيغة التي عبّر بها ذلك الصحابيّ، هل هي "قال"، أو "سمعتُ"، أو "حدّثني"، أو نحو ذلك؟ مع تيقّنه من إضافته إلى النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فأتى بصيغة تَحْتَمِل ذلك، والله تعالى أعلم.
("النَّاسُ تَبَعٌ لِقُرَيْشٍ) مبتدأ وخبره، و"التبَعُ" بفتحتين: في الأصل مصدر تَبع، يقال: تبعَ زيدٌ عمرًا تَبَعًا، من باب تَعِبَ: إذا مَشَى خلفه، أو مَرّ به، فمضى معه، ويقال: المصلِّي تَبَعٌ لإمام والناس تَبَعٌ بفلان، فيكون واحدًا، وجَمْعًا، ويجوز جَمْعه على أَتْبَاعٍ، مثلُ سبب وأسباب، أفاده الفيّوميّ (?).
قال في "الفتح": قوله: "الناس تَبَعٌ لقريش" قيل: هو خبر بمعنى الأمر، ويدلّ عليه قوله في رواية أخرى: "قَدِّمُوا قُريشًا، ولا تَقَدَّموها"، أخرجه عبد الرزاق، بإسناد صحيح، لكنه مرسل، وله شواهد، وقيل: هو خبر على ظاهره، والمراد بالناس: بعض الناس، وهم سائر العرب، من غير قريش.
قال القاضي عياض: استَدَلّ الشافعية بهذا الحديث على إمامة الشافعيّ، وتقديمه على غيره، ولا حجة فيه؛ لأن المراد به: هنا الخلفاء.
وقال القرطبيّ: صَحِبَت المستدلَّ بهذا غفلةٌ مقارنة لصميم التقليد.
وتُعُقّب بأن مراد المستدلّ: أن القرشية من أسباب الفضل والتقدم، كما أن من أسباب التقدم الوَرَع مثلًا، فالمستويان في خصال الفضل إذا تميّز أحدهما بالورع مثلًا كان مقدَّمًا على رفيقه، فكذلك القرشية، فثبت الاستدلال بها على تقدّم الشافعيّ، ومزيّته على من ساواه في العلم والدِّين؛ لمشاركته له في الصفتين، وتميّزه عليه بالقرشية، وهذا واضح، ولعلّ الغفلة والعصبية صَحِبت القرطبيّ، فلله الأمر. انتهى (?).
قال الجامع عفا الله عنه: لا يخفى أن تعقّب الحافظ على القرطبيّ بقوله: "ولعلّ الغفلة ... إلخ" مما لا يُلتفت إليه، بل ما قاله هو الحقّ، فالاستدلال بحديث الباب على تقديم الشافعيّ على غيره من الأئمة غير صحيح؛ لأن